كل عام وأنتم بخير، ورمضان كريم، ولعلّنا في هذا الشهر المُبارك لا يفوتنا أن ننام جيّداً!. وقد يقول قائل: هذا شهر الاجتهاد في الصيام والقيام وهجْر الكسل والنوم، فلماذا تدعو إلى الخلود للنوم وجُلّنا يتطلّع إلى نفَحات الشهر الكريم في جميع أوقاته المُباركة؟. أقول: إن المقصود أن نُعطي كلّ شيء حقه، فنجتهدَ في العبادة، ونهتمَّ بتنظيم الأوقات الثمينة، ونحرصَ على راحة البدن والعقل، لضمان الاستمتاع بأنواع العبادات من صيامٍ وقيامٍ وقراءةِ قرآن. فالنوم بشكل جيّد حتى خلال شهر رمضان، ضرورة تُمليها الفطرة السّليمة، لما للتعرّض المُناسب لمرحلة النوم العميق خلال ساعات الليل من أهمية صحية كبيرة، ينعكس إيجاباً على نشاط البدن واستقرار المزاج. ومن الملاحظ، انعكاس أوقات النوم والاستيقاظ بشكلٍ سريع ومُفاجئ لدى كثيرٍ من الناس عند دخول الشهر الفضيل، وسلوكهم نمطاً غير صحّي يتعلق بالنوم وتناول الغذاء، مما يؤدي إلى اختلال نمط الساعة الحيوية لديهم، وإصابتهم بعددٍ من اضطرابات النوم كالحرمان الحاد والمُزمن من النوم، ومُشكلات الجهاز الهضمي، وتعرّضهم لتعكّر المزاج وخمول الذهن والبدَن عند أداء العبادات الجماعية والفردية، قد يُنغّص عليهم مُتعة الاستمتاع بها والتركيز فيها. وينشغل كثيرٌ من الناس في شهر الخير بارتباطاتٍ اجتماعية وترفيهية، وهاجسِ إعداد وتناول أنواع مُتميزة متنوعةٍ وكبيرة من الطعام والشراب، ويحرِصون على طول السّهر ومتابعة المُسلسلات والبرامج الرّمضانية التي تغصّ بها القنوات الفضائية، ويختارون التخلّي عن ساعات نومِهم التي يحتاجون لها بالضرورة، مما يعرّضهم لفرط الإرهاق الجسدي والذهني، وحتى خطر إصابتهم باعتلالات صحية كالزكام والانفلونزا نتيجة اضطراب نظام المناعة. ويحدّ فرط السّهر والارتباط بالأعمال والوظائف في أوقات غير اعتيادية أثناء نهار رمضان، من القُدرة على تعويض نقصِ ساعات النوم، ويؤثر سلْباً على مزاج كثيرٍ من الناس، فالنوم بالنهار ليس بجودة النوم أثناء الليل، إلا أن من المُفضّل أخذ قسْطٍ من النوم أثناء ساعات النهار لاستعادة النشاط والاستعانة على قيام الليل، كما من الضروري مقاومة إغراءات كثرة الارتباطات الاجتماعية والترفيهية في رمضان، والحرص على الأداء الأمثل للعبادات الموسمية بالأخذ بأسباب العافية، ومن ضمنها الاقتصاد في تناول الطعام والشراب، واستيفاء حقّ النوم وراحة البدن ليلاً.