تختلف عادات وتقاليد الدول والشعوب وتختلف معها اللغات واللهجات، ونظراً لكون العالم أصبح قرية واحدة وأصبح من الضروري أن يكون هناك تواصل بين الدول والشعوب، ولا يمكن لأي دولة أو مجتمع أو شعب أن يعيش بمعزل عن الآخرين، فقد أصبحت حاجة الإنسان ملحة للاكتشاف والتعلُّم والتعرُّف على تلك العوالم المختلفة، ولن يتم له ذلك إلا بتعلُّم لغات جديدة وفي مقدمتها اللغة الإنجليزية، والتي أصبحت اليوم من الضرورات الأساسية التي يجب على الكثير من أفراد المجتمع تعلُّمها، لأنها لغة عالمية ووسيلة مشتركة للتواصل مع مَن يتكلمون لغات أخرى، إضافةً إلى أنها قد تكون اليوم متطلباً أساسياً للحصول على عمل أو السفر، أو تحسين مستوى الدخل الفردي. اليوم يعيش العالم ثورة معلوماتية كبرى، أصبحت فيه الحاجة لتعلُّم لغات أخرى مطلباً أساسياً لمجاراة التقدم الكبير الموجود في تقنية الاتصالات والمعلومات، والتي ساهمت في ذوبان العديد من الحواجز المختلفة بين شعوب العالم من خلال تيسير وسائل تعلُّم اللغات من جهة، وكذلك توفير وسائل ترجمة فورية من جهة أخرى، غير أن ذلك كله لا يعني بأي حالٍ من الأحوال، تفضيل تعلُّم تلك اللغات الأجنبية على تعلُّم اللغة الأم وهي اللغة العربية، والتي تتعرَّض اليوم إلى حربٍ شعواء وإهانة كبرى تمثَّلت في قيام البعض من إحلال الكلمات الأجنبية محل العربية بدعوى عدم وجود مرادف لها، أو استخدام اللغة الأجنبية في الحوارات والاجتماعات الرسمية والعامة بالرغم من أن جميع الموجودين في تلك الاجتماعات ممَّن يُجيدون التحدُّث باللغة العربية وهم عرب. في جلسة مجلس الوزراء السعودي الأخيرة، انتصر مجلس الوزراء الموقر للغة العربية انتصاراً رائعاً، فقد تضمَّنت قرارات المجلس (أن من ضمن ضوابط عقد المؤتمرات والندوات في المملكة عن طريق الجهات الحكومية بمشاركة خارجية ما يلي: «تُعتمد اللغة العربية لغة رسمية في المؤتمر أو الندوة، وعلى المشاركين المتحدثين باللغة العربية التقيُّد باستخدامها، ويجوز استخدام لغات أخرى في المؤتمرات والندوات الفنية والتخصصية التي تستلزم ذلك، على أن يتولى مؤهلون سعوديون -بقدر الإمكان- الترجمة الفورية في تلك المؤتمرات والندوات»). البعض تنكَّر اليوم للغته الأم، وأصبح عاقاً لها، فعمد لاستبدالها طوال الوقت بلغاتٍ أخرى لا حاجة له بها، وغير مضطر لاستخدامها في بعض المواقف، ولكنه هوس التفاخر ووهم التميُّز ومرض التكبُّر على اللغة الأم، والتي هي لغة القرآن الكريم، ولم يكتفِ بإصابة نفسه بذلك المرض، بل ونقله أيضاً لأبنائه بدعوى تعلُّم لغة العصر، فتعلُّم اللغات الأجنبية أمر هام وضروري ولا جدال فيه، ولكن يجب أن لا يكون على حساب قتل لغتنا الأم، ولا على حساب ثقافتنا أو هويتنا العربية والإسلامية، فشكراً جزيلاً لمجلس الوزراء السعودي على هذا الانتصار للغتنا العربية.