تعاني مجتمعاتنا العربية كماً هائلاً من المشكلات الاجتماعية التي تهدد أمنها وسلامتها، وتجعل مكونها الأساسي وهو الأسرة في مهب الريح، فرغم أن عقيدتنا الإسلامية تجعل من الزواج سكناً ورحمة وتصفه بالميثاق الغليظ ولكننا نجد أن ظاهرة الطلاق في الوطن العربي هي الأعلى على مستوى العالم ووفق إحصائيات وزارة العدل يبلغ متوسط حالات الطلاق 178 حالة كل يوم، وهو معدل مخيف.. فما هي تلك الأسباب التي تدفع زوجين في بداية حياتهما إلى هدم الحلم الذي طالما رسماه في مخيلتهما عن العش الجميل؟ الزواج المبكر سبب هام لا يمكن إغفاله وخاصة مع إصرار كثير من الأسر عليه، فكيف لشاب لم يكمل الثامنة عشرة أو فتاة لم تبلغ السادسة عشرة أن يتحملا مسؤولية بناء أسرة وهما في الأساس لا زالا وفق معايير الأممالمتحدة أطفالاً؟!، فالبلوغ لا يعني فقط البلوغ الجسمي والجنسي بل يجب أن يرافقه بلوغ عقلي يمكِّن الزوجين من إدارة المشكلات وكيفية حلها؟ التجمّل الكاذب، ولعلك تتعجب من هذا المصطلح، ولكنه واقع لا بد أن نعترف به فعندما يتقدم شاب لخطبة فتاة يُظهر كماً كبيراً من التجمل الذي ربما يخالف حقيقة طباعه، فيبدو كريماً وودوداً ورومانسياً حالماً ومثقفاً وبعدما يتم الزواج تظهر صفاته الحقيقية، وكذلك الفتاة تُظهر الطاعة والهدوء والرومانسية والعقل وبعد الزواج تتبخر تلك الصفات؛ لنجد أنفسنا أمام شخصية مختلفة. تدخل الكبار من أهم أسباب الطلاق في مجتمعاتنا، فكثيراً ما تفرض العائلات الزواج فرضاً على الشاب والفتاة، وفي حالة حدوث خلاف يرتمي الزوج في حضن أمه وأبيه تاركاً زوجته ظناً منه أنه بذلك يفعل الصواب، والزوجة تلجأ لأمها وأهلها مع ظهور أول مشكلة، وتتطور الأمور سريعاً وتتسع دائرة الخلاف ويجد الجميع أنفسهم أمام قاضي الطلاق. إن هذه الأسباب التي تدفع للطلاق وتعكر صفو الحياة الأسرية تحتاج إلى حلول واقعية تبدأ بالتوعية من أخطار الطلاق وتأثيراته العديدة على الزوجين والأولاد.. وتفعيل القوانين التي تمنع زواج القاصرات والأطفال، فهي باب شر عظيم ينبغي إغلاقه بقوة.. وبالنسبة للآباء والأمهات كفوا عن التدخل في الحياة الخاصة لأولادكم خاصة المتزوجين، وإذا اقتضت الضرورة هذا التدخل فليكن من أجل الإصلاح وتقريب البعيد والتوعية والإرشاد.