مهرجان الجنادرية لم يعد مناسبة ثقافية وتراثية عابرة تنتهي بانتهاء وقتها، وإنما أصبح علامة ثقافية تراثية تضيء سماء الوطن كل عام، وينتظرها الملايين من أبناء المجتمع السعودي بشوق، بل وينتظرها آخرون خارج المملكة من المثقفين وأرباب المعرفة؛ لما يعلمه الجميع من أن مهرجان الجنادرية، ومن خلال مسماه يحقق رغبة شرائح مرتاديه وضيوفه، فيجد المثقف والمثقفة بغيتهما؛ حيث جمعت الجنادرية بين الثقافة في جانبها الفكري، من خلال الندوات المصاحبة والأمسيات الشعرية وغيرها، وبين الموروث الشعبي الذي هو جزء من حياة وثقافة إنسان هذا الوطن الغالي؛ ولذلك لا يمكن أن ينكر أحد أن المهرجان قدم للثقافة السعودية والعربية والعالمية معطيات خيرة، انعكست على سمعة ومكانة وريادة المملكة، ونقلت للآخر صورة ناصعة البياض عن ثقافة وحياة الإنسان السعودي، ومطلوب من مؤسساتنا الثقافية الأخرى أن تخرج من نمط التقليدية، وأن تقدم للمجتمع برامج ثقافية، تناسب العصر والذوق العام، ولو كان ما قدمته الجنادرية، سواء في الجانب الثقافي والفكري، أو جانب الموروث الشعبي - ضعيفًا؛ لما حافظ هذا المهرجان على استمراره اثنين وثلاثين عامًا؛ حيث ينطلق المهرجان هذا العام في دورته الثانية والثلاثين؛ ولهذا فإن مهرجان الجنادرية بهذه الاستمرارية، وهذا التوهج كل عام - يضيف رصيدًا من الديمومة وسلامة المسار، إنه حقًّا مهرجان متنوع ومتطور، وهو كل عام يكبر لكنه لا يشيخ.