اتسمت ميزانية المملكة لعام 2018 بالشفافية والوضوح، لا سيما أنها غطت الفجوات في ميزانيات الأعوام الماضية، مما يؤهلها لأن تكون المحور الرئيسي لتنفيذ مضامين رؤية السعودية 2030، ومرتكزا للأعوام المقبلة، إذ سيكون انعكاسها مباشرا وقوي التأثير في تحفيز الاقتصاد، وترسيخ مفاهيم الشفافية ومحاربة الفساد. كما اتصفت الميزانية بالواقعية فلم تخفض الصرف على الرواتب والبدلات البالغة نحو 440 مليار ريال، بجانب تطبيق برامج قياس الأداء، خاصة مع توقعات بوجود تضخم 5.5% في العام المقبل مقابل تضخم سلبي في العام الحالي، وهو ما يعزز النمو الاقتصادي وبدء التحول الحقيقي. ومن أهم مؤشرات الميزانية التي ستفيد القطاع الخاص، ضخ أموال الدعم الحكومي في حساب المواطن، والذي تخصص له نحو 32 مليار ريال للعام الحالي، فضلا عما أعلن عنه قبل أيام حول دعم القطاع الخاص، والمحتوى المحلي بمبلغ 72 مليار ريال. ولم يكن بند الضرائب ببعيد عن الميزانية التاريخية، حيث يتوقع أن تصل قيمة ضرائب السلع والخدمات إلى 85 مليار ريال، بزيادة قدرها 38 مليارا عن عام 2017 وبنسبة تقارب 82 % ، وجاء هذا الارتفاع نتيجة لتنفيذ عدد من الإصلاحات الاقتصادية، ومن أهمها الضريبة الانتقائية وتعديل أسعار التأشيرات وتطبيق ضريبة القيمة المضافة. وتترجم الأرقام المعلنة بالميزانية حجم العمل والجهد المبذول في العامين الماضيين، وعززت من المكانة والوزن الذي تحتله المملكة، التي ركزت من خلال الميزانية على الاستثمار في العنصر البشري والقطاعات التي تمس مصالح وحياة المواطنين بشكل مباشر، كما اعتمدت سياسات تضمن ترشيد الإنفاق وتوجيهه بالشكل الأمثل على المشروعات الحيوية وذات العائد الاقتصادي العالي. وتعكس بنود الميزانية والتوزيع «الحصيف» للاعتمادات المالية لتلك البنود السياسات المهنية والمؤسسية التي تعمل بها أجهزة الدولة المعنية وجهودها في إقرار موازنة تحقق عدالة التوزيع والتوازن المطلوب بين القطاعات المختلفة حسب الأولويات والسياسات والخطط التنموية وفقا لتطلعات رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020. كما تتميز الميزانية بحجم الإنفاق وتنوع مصادر الدخل وتقليص الاعتماد على النفط كمصدر للإيرادات إلى 50% مع الاستمرار في خفض العجز رغم نمو الإنفاق، وهي نتائج لم تكن لتتحقق لولا القدرة الفائقة على التعامل مع التحديات الاقتصادية على مستوى العالم وقراءة التطورات بكل كفاءة واقتدار، والتخطيط الإستراتيجي، والمبادرات الملهمة والمبتكرة في برامج التطوير والتنمية الشاملة. وسيصل الإنفاق في الميزانية إلى (978) مليار ريال، بزيادة 5.6% عن العام 2017 الذي تم خلاله إنفاق 926 مليار ريال، إضافة إلى تخصيص خمسين مليارا من صناديق التنمية المنضوية تحت صندوق التنمية الوطني، والتي ستمول مشروعات سكنية وصناعية وتعدينية، كما ستوفر حزم تحفيز للقطاع الخاص، فضلا عن الإنفاق الاستثماري داخل المملكة من صندوق الاستثمارات العامة، لتمويل المشروعات الجديدة والقائمة».