أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن عناية المملكة العربية السعودية بالسياحة والتراث الحضاري على حدٍ سواء، يمثل عناية بالتاريخ والتراث الإنساني العالمي، بوصفها مهبط الوحي ومهد الإسلام وموطن الحرمين الشريفين وملتقى الحضارات، وموقع تقاطع عالمي حضاري عبر التاريخ، لافتاً سموه الانتباه إلى أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - (رجل التاريخ والحضارة) تشهد طفرة كبيرة في الأعوام الأخيرة في المشاريع السياحية والتراثية، نظراً لاهتمام الدولة بقطاع السياحة والتراث كمولد رئيس لفرص العمل، وعامل مهم في تعزيز الهوية والوطنية وارتباط المواطن بأرضه وتاريخه وحضارته. وأشار سموه في كلمته التي ألقاها اليوم في افتتاح المؤتمر الدولي الثاني للسياحة والثقافة في العاصمة العمانيةمسقط، الذي تنظمه وزارة السياحة العمانية بالتعاون مع منظمة السياحة العالمية، ومنظمة "اليونيسكو"، وحظي برعاية صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان. وأشار سموه إلى اهتمام المملكة بالسياحة والتراث الحضاري كقطاعين متزامنين، وذلك مع بدء عمل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالمملكة منذ اكثر من 17 عاما. وقال سمو رئيس هيئة السياحة : "بدأنا في المملكة العربية السعودية هذه الخطة وهذا التزامن بين السياحة والتراث والثقافة، منذ إقرار استراتيجية تنمية السياحة الوطنية في العام 2005م، وواصلنا العمل على تعزيز موقفنا من التراث الحضاري في بلادنا، وتعزيز امكانياتنا وقدراتنا، ونما ذلك عبر السنين حتى بدأنا في الضخ الأكبر في المشروعات، لذا تشهد المملكة طفرة كبيرة في الأعوام الأخيرة في المشروعات السياحية والتراثية، ما يعكس نظرة واهتمام الدولة بالسياحة الوطنية، بوصفها أحد ثلاثة قطاعات رئيسية يعول عليها الاقتصاد في المستقبل، ومولدة لفرص العمل التي تفتح المجال للمواطن لخدمة وطنه الذي يعيش فيه، وتأكيد أن هذا الوطن الكبير غني بالإمكانات البشرية والتراثية والطبيعية، ويملك جميع الإمكانات والمقومات التي تجعل من السياحة فيه قطاعاً رئيساً على جميع المستويات، وصناعة وطنية كبيرة، والأهم أن يكون لها دور رئيس في تنمية اعتزاز المواطن بوطنه وبتاريخه وبحضارة بلاده، وأن يشارك فيها العالم، فنحن ننظر لأنفسنا في هذه المنطقة في الجزيرة العربية، أننا بلاد لابد أن يكون لها دور مهم وأساس في مستقبل البشرية والعالم". وتابع سموه قائلاً: "نحن نؤمن بدور السياحة، ليس فقط كصناعة اقتصادية، بل كصناعة إنسانية أيضاً، وأن الثقافة تمثل المستقبل القادم للسياحة"، منوهاً سموه بالطفرة الكبيرة المنتظرة على مستوى السياحة، حيث أن المملكة مقبلة على طفرة كبيرة فيما يتعلق بعددٍ من المشروعات والبرامج، ذات الإسهام في تدفقات سياحية كبيرة وغير مسبوقة، من أبرزها فتح التأشيرات السياحية العام القادم 2018م، واطلاق مبادرة (السعودية وجهة المسلمين) التي تنطوي تحت مظلتها عدداً من المسارات التي تتيح للزائر الذي يأتي إلى العمرة أو الترانزيت أن يتنقل في مواقع التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية، وطرق الهجرة وطرق التجارة القديمة، وغيرها من المواقع التاريخية، إلى جانب المشروعات الكبيرة التي تأتي ضمن مبادرة خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، وتمولها الدولة حالياً بزهاء خمسة مليارات ريال، وتنطوي تحت مظلتها العديد من المشاريع منها 32 متحف رئيس في مناطق المملكة، ومشاريع لتوسعة المتاحف القائمة، ومشاريع لترميم المئات من مواقع التراث العمراني، إضافة إلى مئات الفعاليات الثقافية والتراثية. وأوضح سموه أن السياحة إلى جانب كونها قطاع صناعة إقتصادية، فهي تقوم بدور رئيس في توثيق علاقة المواطن بوطنه وأرضه وتعزيز التعارف الإنساني، عادّه أساس للسلام بين الأمم وأساس التوافق بين الناس. وقال سموه: "لم يعد كافياً اليوم أن تقوم الدول بلاشك مع أهمية ذلك ببناء الجيوش وبناء الأمن دون أن يكون هناك انتماء للإنسان والمكان، ولم يعد هناك من يستطيع اليوم أن يتجاهل التزامن المهم بين التنمية والأمن ولذلك السياحة كقطاع وصناعة اقتصادية هي صناعة توثق التنمية والأمن للمواطنين، ولكنها أيضا في مستوى في اعتقادي أهم توثق علاقة المواطن بوطنه وأرضه وأن يفتح قلبه لبلاده ولزوارها ويحدث التعارف الانساني الذي هو أساس للسلام بين الأمم وأساس التوافق بين الناس". وتناول سمو رئيس هيئة السياحة والتراث الوطني، الجهود المبكرة للمملكة من خلال الهيئة للاهتمام بالسياحة والثقافة كقطاعين متزامنين، وقال: "قمنا في المملكة من خلال الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني منذ بداياتها بتأسيس برنامج متكامل للسياحة الثقافية ثم تطور ذلك الى تغيير مسمى الهيئة بإضافة كلمة التراث الوطني، وبإشراك مجموعة من الوزارات في مجلس إدارتها على مستوى وكلاء الوزراء ينتمون الى قطاع الثقافة ، والمملكة أيضا أعلنت العام الماضي في تأسيس هيئة مستقلة للثقافة وقد بدأت العمل ونسعد بعضويتها في مجلس إدارة الهيئة، كما أن المملكة قد دعت في الكويت قبل ثلاث سنوات لاجتماع متزامن لوزراء السياحة ووزراء الثقافة وتم ذلك في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في الرياض بلقاء مشترك بين وزراء السياحة ووزراء الثقافة، وقمنا أيضا في اجتماع وزراء السياحة العرب الاسبوع الماضي في القاهرة بطلب اجتماع مشترك لوزراء السياحة ووزراء الثقافة في الدول العربية والذي سوف يتم قريبا ان شاء الله. وأشاد سموه بجهود معالي أمين عام منظمة السياحة العالمية الدكتور طالب الرفاعي في تطوير السياحة العالمي وربطها بالثقافة والتراث. وقال: "نحن في المملكة عاصرنا تأسيس وتطور منظمة السياحة العالمية لتكون ضمن منظمة الاممالمتحدة، وعاصرنا هذا الرجل المميز الذي ينتمي لهذه الأمة العربية وهذه البلاد التي حباها اله سبحانه وتعالى واختارها لتكون مهد الاديان وبلاد الحضارات ويكون لها دور رئيس في تأسيس التاريخ الإنساني والحضارات الإنسانية التي كما قلنا يجب أن يكون لها دور كبير في بناء الحضارة الإنسانية العالمية، الدكتور طالب الرفاعي قام بعملية إعادة نظر في هذه الصناعة الاقتصادية الكبيرة وأدى وزملاؤه في المنظمة دوراً كبيراً في تطوير السياحة العالمية كمنظومة اقتصادية محترمة ، بل إني سمعت من الدكتور طالب انه في اجتماعات اليونسكو كان ممثل منظمة السياحة العالمية يجلس في المقاعد الأخيرة في طاولة الاجتماع، والآن يجلس في الطاولة الرئيسة لأن هذه الصناعة الاقتصادية الكبيرة أصبحت فعلا مسار مهم جدا للتعارف الانساني والسلام وللاقتصاد والاستقرار. وعبر سموه عن تقديره لسلطنة عمان على استضافة المؤتمر، مبينا أن عمان قامت بجهد ملموس في تأصيل التراث عمان الجميل، بالتزامن مع تنمية وتطوير المكان والانسان. وقال: " أحيي ما يقوم به جلالة السلطان قابوس يحفظه الله من جهود بدأت منذ أن تولى الحكم سنة 1970م ونحن نلحظ ونتابع هذا الاهتمام البالغ الذي استمر واستدام عبر السنين في تأصيل تراث عمان الجميل، وفي نفس الوقت تنمية وتطوير المكان والانسان بهذا التزامن الجميل الذي نتج عنه انشاء دولة ومجتمع يعيش تراثه ويعيش حضارته وينتمي بالهدوء العماني المعروف وبثقة الى تراث بلاده ويعيش عالمية هذا البلد كونه عبر التاريخ كان موئلا للاقتصاد وللتداول الحضاري.