البعض لم يستوعب للآن ماذا تعني القدس بالنسبة للمملكة العربية السعودية ولم يدرك الالتزام المبكر للمملكة بقضية المسجد الأقصى والدفاع عن فلسطين وهويتها العربية والإسلامية، فالملك المؤسس الملك عبدالعزيز (رحمه الله) رفض في عام 1926م أن يعترف للبريطانيين بشرعية وجودهم في فلسطين ولم يقبل بوعد بلفور، كما أمر في عام 1939م بتقديم الدعم العسكري للفلسطينيين وقرر شراء الأسلحة وإرسالها إليهم، وفي عام 1947م تصدى الملك عبدالعزيز لقرار تقسيم فلسطين وحذر الإنجليز وكلف ابنه الملك فيصل (رحمه الله) بتكوين لجان شعبية في أنحاء المملكة العربية السعودية لجمع التبرعات للفلسطينيين وقد توالى هذا الدعم من قبل أبنائه الملوك من بعده فالملك سعود (رحمه الله) واصل جهود والده في تقديم الدعم المالي والمنافحة عن أولى القبلتين، وكان للملك فيصل (رحمه الله) مواقف تاريخية تجاه القضية الفلسطينية فقد أسس بعد نكبة 1967م الجبهة العربية الموحدة التي وقفت بالمرصاد أمام الزحف الصهيوني كما حظر البترول على عدد من القوى الدولية المؤثرة بسبب موقفها من هذه القضية، وجاء الملك خالد (رحمه الله) ودعا للتضامن الإسلامي من أجل تحرير فلسطين وإنقاذ المسجد الأقصى في حين كانت القضية في وجدان الملك فهد (رحمه الله) والذي قام بفتح الأبواب للأشقاء الفلسطينيين بعد إخراج عوائلهم من لبنان، وجاء الملك عبدالله (رحمه الله) فتصدى للحل السلمي للقضية من خلال مبادرته العربية مع استمرار موقف المملكة الثابت ضد الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية وعلى رأسها القدس الشريف وظل يقدم كافة أشكال الدعم السياسي والمادي للشعب الفلسطيني وعندما تولى الملك سلمان (يحفظه الله) الحكم لم تغب القضية الفلسطينية عن أولوياته فاستقبل الرئيس الفلسطيني بعد أيام من مبايعته وأكد خلال اللقاء على مواقف المملكة الثابتة لبلاده تجاه القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس في حين أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (يحفظه الله) في أكثر من مناسبة حرص المملكة على نيل الفلسطينيين حقوقهم كاملة وأنها السبيل الأوحد لتحقيق السلام. هذا باختصار موقف المملكة وقادتها من قضية فلسطين فهو موقف لا مزايدة أو مساومة فيه بل هو موقف أفعال لا أقوال وهو موقف ثابت منذ عقود على مستوى القيادة والشعب. فالمملكة قد دعمت القضية الفلسطينية منذ عقود بالعديد من المبادرات منها احتضان المصالحة الفلسطينية ومشروع الملك فهد للسلام ومبادرة الملك عبدالله للسلام وتأسيس لجنة القدس للمحافظة على عروبة القدس وتأسيس صندوق دعم القدس، كما بلغت إيرادات اللجنة الشعبية حوالى ملياري ريال. لذلك كله وغيره كثير نقول لمن يزايد على موقف المملكة العربية السعودية من القضية الفلسطينيةوالقدس الشريف بأن تلك المزايدة والمساومة هي مغامرة خاسرة وافتعالات مرجفة وأكاذيب يروجها حاقدون للنيل من مكانة المملكة والتي تعرفها تمامًا الشعوب العربية والإسلامة بشكل عام والشعب الفلسطيني الشقيق بشكل خاص.