مع صباح كل يوم دراسي تتجدد مخاوف أولياء الأمور ومسؤولي التعليم من الوجبات التي تقدم للطلاب عبر المقاصف المدرسية، في وقت لاتزال بعض تلك المقاصف في صورتها التقليدية التي عرفتها المدارس منذ عقود، بينما امتدت يد التطوير إلى بعض المقاصف الأخرى، لتشهد تغييرا نوعيا في الأغذية المقدمة للطالب، لكن على الرغم من ذلك لاتزال الشكوى قائمة من جانب أولياء الأمور بشأن عدم توازن الغذاء الذي يتناوله أولادهم في المدارس. ورغم تشديدات وزارة الصحة على ضرورة منع بيع بعض المنتجات في المقاصف المدرسية والتي تؤثر على صحة الطلاب، مثل المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والحلويات، إلا أن بعض المقاصف المدرسية بمنطقة المدينةالمنورة ضربت بتلك الاشتراطات عرض الحائط، إلا أن إدارة التعليم بالمنطقة تؤكد على رصد تلك المخالفات، ومتابعة تلافيها ميدانيا. «المدينة» استطلعت عددًا من الآراء حول المقاصف المدرسية بالمدينةالمنورة، وما تقدمه للطلاب، حيث اتفق كثير من الاختصاصيين على ضرورتها، وخاصة الصغار، بشرط خضوعها للاشتراطات الصحية والغذائية. أخصائي نفسي: بعض الأغذية تسبب سلوكا عدوانيا لدى الطلاب يرى الدكتور عبدالله سافر الغامدي، متخصص في الإرشاد النفسي بتعليم جدة، أن المقصف المدرسي كابوس تعاني منه المدارس سنويا، فتوفير متعهد أمين ينفذ اشتراطاته ومتطلباته كاملة غير ممكن، مما يجعلها تتغاضى أحيانا عن بعضها حتى يسد هذه الثغرة الكبيرة، وأغلب الطلاب غير راضٍ عن وجباته، فالجميع مكره عليها وعلى ما فيها، لأن الوجبات غير صحية وغالية الثمن، كما أن هناك مواد تباع وتحتوى على دهون أو سكريات عالية فتسبب زيادة الطاقة في الجسم، وبالتالي الشقاوة والسلوك العدواني داخل المدرسة. وبين الغامدي أن بعض المقاصف المدرسية تفتقر لمواد لها قيمة غذائية في الاستقرار النفسي والمزاج الهادي كالتمر والعسل والفواكه والخضراوات، حيث لن تجد مقصفا يبيع الخيار أو الجزر أو التفاح مثلا، ومما هو معلوم أن هناك علاقة ارتباطية بين معدل الذكاء والتغذية السليمة، بل وبينها وبين التحصيل الدراسي. فالغذاء الصحي يؤدي إلى أقصى معدلات الفهم والاستيعاب واليقظة والانتباه والتركيز، ولهذا لابد من تكريس العادات الصحية للطلاب بالإضافة إلى تثقيفهم وتوفير ما ينفع أجسامهم. وأضاف الغامدي أن أغلب المقاصف المدرسية طاردة بوجباتها للطلاب ومنفرة لهم في التفاعل الإيجابي، وأعني بذلك تلك التي في المدارس الحكومية وذات المباني المستأجرة خاصة، أما مقاصف أغلب المدارس الأهلية فمميزة وداعمة لهم ماليا. أولياء أمور: تعلم الأطفال عادات غذائية خاطئة يقول سالم العمري، ولي أمر أحد الطلاب: إن وجبات المقاصف المدرسية لا تسمن ولا تغني من جوع، بل إنها قد تصيب الأطفال بالسمنة، ولابد من وجود جهات مختلفة وبرامج توعوية صحية ووقائية تثقف الطلاب علميا وعمليا حول مخاطر الأمراض المزمنة كالسمنة والسكري، مشيرا إلى انتشار بعض السلبيات وبشكل كبير وواضح بين الطلاب دون استثناء، وأضاف العمري أن النمط الغذائي والسلوكي الصحيح مسؤولية حقيقية تقع على عاتق الأسرة والمدرسة والمجتمع الطبي الذي يحيط بالطالب. وقال ولي الأمر محمد الرفاعي: إن طلاب وطالبات المدارس يكتسبون أحيانا عادات سلوكية وغذائية غير صحيحة من أقرانهم الطلبة ويعتمدونها كنمط أساسي في حياتهم، مما يؤثر بالتالي سلبا على الناحية الصحية خصوصا لدى الطلاب أصحاب الأمراض المزمنة، الذين يتبعون نمطا محددا من الغذاء ويكسرون الروتين الخاص بهم فور التحاقهم بمقاعد الدراسة. وقالت أم وليد، والدة إحدى الطالبات: إنه يجب على الجهات المتخصصة في الصحة والتعليم التركيز على هذه الناحية، وهي التأكد من الغذاء الصحي حتى يتم تدارك العواقب، وذكرت أنها تفضل إرسال الطعام من المنزل مع ابنتها، كون ابنتي لا تتقبل أي نوع من الطعام. أخصائية تغذية: ضرورة تقديم وجبات متكاملة ومتوازنة تؤكد أخصائية التغذية لمياء محمد العامودي أن أطفال المدارس بحاجة إلى وجبة جيدة لكي يتطوروا وينموا بصورة سليمة، فهم يحتاجون إلى تناول تغذية سليمة توقيهم من الأمراض وأيضا لكي تتولد لديهم الطاقة اللازمة للدراسة والتعليم، وقالت العامودي: إنه لابد من منع بيع المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة وكذلك الحلويات ذات الصبغات الملونة، وبينت أن الطلاب في المدارس بحاجة إلى أغذية تمدهم بالطاقة المناسبة وأيضا أطعمة تساعد على نموهم وبناء جسمهم بشكل سليم، فمثلا إدخال الخضراوات والفواكه في المقصف المدرسي له فوائد كثيرة منها تعود الطفل على تناولها، ويجب أن تقدم مقطعة بشكل جيد ونظيفة وطازجة ومغلفة بشكل صحي وآمن، كذلك لابد من توفير الحليب للمحافظة على العظام والأسنان كما أنه من الممكن بيع سندوتشات من خبز صحي مثل التوست الأسمر مع حبة شرائح طماطم، وأشارت إلى أنه لا بد من الابتعاد عن العصيرات المرتفعة في السكريات ذات سعرات حرارية عالية وتستبدل بالعصيرات الطازجة، وأضافت العامودي: لو اتبعت المدارس الوجبات الغذائية السليمة سوف تنعكس إيجابيا على الطالب وتعالج الكثير من المشاكل منها التقليل من السمنة وزيادة المناعة في الجسم مما يقلل الإصابة بالأمراض ونزلات البرد. قانوني: حال ثبوت مخالفة أو ضرر يحق للطالب التعويض يوضح عضو اتحاد المحامين العرب المحامي بشير بن مرزوق البلوي أن وزارة التعليم وضعت لائحة منظمة للمقاصف المدرسية تأكيدا منها على صحة وسلامة أبنائنا وبناتنا الطلاب، وقد ورد في تلك اللائحة العديد من الاشتراطات والتعليمات التي تعنى بأدق التفاصيل والتي جاءت مضمنة لنماذج رسمية يخضع فيها العاملون والعاملات بالمقاصف لإجراء الفحوص والتحاليل الطبية اللازمة قبل ممارسة أعمالهم في تقديم الخدمات للمدارس. كما نصت اللائحة على الأطعمة والمشروبات الممنوعة ومنها المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والعصائر التي تقل فيها نسبة العصير عن 30%.