عادت قضية كارثة سيولجدة إلى الواجهة من جديد، على خلفية إنشاء لجنة عليا للتحقيق في قضايا الفساد، وتوقيف عدد من الشخصيات، ويعتبر ملف قضية سيولجدة أحد أطول وأشهر المحاكمات التي لم تنتهِ حتى الآن، بالرغم من أن الكارثة حدثت قبيل عيد أضحى عام 1430 ه، عندما اجتاحت السيولجدة، وأدت إلى وفاة 116 شخصًا، ومضى عليها أكثر من 8 سنوات، ولا تزال المحاكم تواصل النظر في بعض الملفات، إثر نقض محكمة الاستئناف للأحكام الابتدائية التي صدرت لبعض المتهمين في الفترة السابقة، ومن خلال متابعات «المدينة» المتواصلة لهذا الملف، فقد شهدت الفترة التي سبقت قرار سلخ الدوائر الجزائية إلى منظومة وزارة العدل، صدور أحكام قضائية من ديوان المظالم في 34 قضية تشمل 131 متهمًا، وتم إصدار 12 قرارًا بإعادة القضية إلى جهة التحقيق لاستكمالها، وذلك عام 1432ه. وصدرت (5) قرارات بضم ملف قضية إلى قضية أخرى، فيما تم إصدار 39 حكمًا تضمَّن إدانة 45 شخصًا ممن تمت محاكمتهم، حيث وصل إجمالي عقوبات السجن بحقهم إلى (118 سنة وستة أشهر)، بالإضافة إلى تغريمهم بمبلغ (000. 170. 14) ريال، فيما شهدت المحاكمات صدور 39 حكمًا بعدم الإدانة ل78 شخصًا من المدعى عليهم، وحكم واحد بانقضاء الدعوى الجزائية، وحكم آخر بعدم جواز نظر الدعوى، وحكمان بعدم سماع الدعوى، حيث وصلت الأحكام التي تم تأييدها من إجمالي تلك القضايا إلى (19) حكمًا، بالإضافة إلى حكم واحد بات مؤيدًا ونهائيًّا؛ نتيجة لفوات موعد الطعن فيه. ويقضي المدانون الذين صدرت بحقهم أحكام نهائية وواجبة النفاذ، العقوبة في سجن إصلاحية ذهبان، من بينهم قياديون سابقون في بعض الدوائر الخدمية وأكاديميون ومهندسون ورجال أعمال ووافدون على خلفية إدانتهم في قضايا تنوعت ما بين الرشوة والتزوير واستغلال النفوذ الوظيفي والافتئات والتفريط في المال العام والاختلاس والاشتغال بمهن حرة وقبول الرجاء والوساطة، والتي باشرت التحقيق فيها هيئة الرقابة والتحقيق، بناءً على الأمر الملكي بشأن فاجعة سيولجدة، والذي نص في حينها في الفقرة الأولى على إحالة الأوراق، بعد استكمال إجراءاتها إلى هيئة الرقابة والتحقيق، وإلى هيئة التحقيق والادعاء العام، وكل فيما يخصه، تمهيدًا لإحالتها إلى المحكمة المختصة. سجن إصلاحية ذهبان ويقول المستشار القانوني والمحكم الدولي عبدالكريم القاضي: إن تهم الفساد المالي كالفساد في المشروعات هي قضايا تنظر بصفة مستعجلة إذا كان يخشى عليها فوات الوقت من المتهمين أو المشاركين في التهمة بالحجز التحفظي على الأشخاص وضبط المال، ووضعه تحت يد القضاء؛ لمنع المحجوز عليهم من التصرف فيها، ولا يشترط لإجراء الحجز التحفظي أن يكون هناك دعوى بالحق الخاص أو حكم قضائي، أو نص من نظام، وأحكام القضاء المستعجل، مما يستدعي ذلك تجميد أرصدة المتهمين قبل مقاضاتهم لاحقًا للمصلحة العامة، وخشية فوات الدليل الموصل للإثبات على المتهمين، قبل إخفائها أو الهروب من قبضة العدالة؛ لأن من المقرر أنه يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب في حال جمع الاستدلالات. فيما يقول المستشار القانوني خالد المحمادي: إن فتح ملف التحقيقات في كارثة سيولجدة، الأمر الملكي صدر بناء على توجيه باستثناء إجراءات اللجنة من جميع الأنظمة والتعليمات والبيروقراطية المتبعة، وفي أنظمة التحقيقات، وهذا الاستثناء مؤقت، وممكن يحدد بعد انتهاء أعمال اللجنة، وبعد الانتهاء يتم الرفع عن طريق النيابة العامة بلوائح اتهام إلى المحاكم الجزائية على من يثبت إدانته، مع كفالة جميع الحقوق النظامية للمتهمين من محامين وخلافه، وهناك أحكام صدرت فيها أحكام بالبراءة، وقضايا أخرى لم يتم الحكم فيها حتى الآن، إلا أن تلك القضايا هل سيتم نقض الأحكام؟ الله أعلم، وهي جزئية لم توضح بعد، أما القضايا التي لم يبث فيها ستتم إعادة المحاكمة فيها.