شهدت الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية مؤتمر مبادرة المستقبل الذي حضره حشد كبير من الخبراء والمختصين في عالم المال والأعمال خلال الأيام الماضية تكللت ذروة نشاطه بإعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن مبادرة «نيوم» على ضفاف البحر الأحمر وعلى مساحة 26500 كيلو متر مربع خالية من السكان، بها كل مقومات التنمية الخلاقة الواعدة. شد الأنظار التوقيت وطريقة الطرح ومصدر الثقة والحشد المعرفي الذي سيشارك في تحقيق ذلك الحلم.وعنصر المفاجأة شد أنظار الشعب السعودي والعالم المتعطش لتغيير قواعد اللعبة في منطقة الشرق الأوسط مهبط الرسالات السماوية ومهد الحضارات الإنسانية التي تعاني من تشوهات الإرهاب وتأليب العالم على الإسلام والمسلمين. والحلم الذي يعد به «نيوم» يتمثل في اختيار الموقع الإستراتيجي وحجم المشروع وجدواه التنموية والإرادة السياسية التي دفعت به إلى المقدمة في هذه اللحظة التاريخية من مشوار التنمية الإبداعية في الجزيرة العربية برغم كل الصعوبات والتحديات التي تسعى قوى الشر لفرضها على المنطقة من بداية الربع الأخير من القرن الماضي والمتأصلة جذورها من بداية القرن العشرين. والتجارب تفيد أن كل مبادرة أو فكر جديد لا يسلم من النقد ومجالات التحفظ على الطرح لأي مشروع أيًا كان لأن الكمال لله سبحانه وتعالى. ومميزات المبادرة «نيوم المستقبل» إنها تأتي بحماس شبابي ويحيط بها خبرات عالمية مُجرَّبة ومستعدة لوضع خبراتها وأموالها لتحقيق ذلك الحلم. ولمن يريد أن يأخذ الحلم إلى أفق أعلى لابد أن يدرك بأن الوقت قد حان لترى المنطقة طموحاً جديداً يستغل كل المقومات الموجودة ويخلق واقعًا جديدًا يغير أصول اللعبة لتصبح المنطقة محور جذب جديد في عالم الابتكارات الإبداعية وجعل الأنظار تتجه إليها بمنظور جديد يختلف عن ممارسات الماضي بدون أن يغير من الثوابت الدينية أو يجرح السلوك والعادات والقيم العقائدية.كما أن من شروط التخطيط المستقبلي السليم الاستعداد للتحول والتكيف مع متطلبات المرحلة ،والشباب هم المستهدفون لتحقيق الحلم وجني ثماره. لدينا في تاريخنا المعاصر محطات كثيرة تعظنا بأن التغيير هو سنة مؤكدة من سنن الحياة وأن المجتمعات التي تكون مع التغيير الإيجابي تصبح في مواقع متقدمة على غيرها وتبني وتحقق منجزات أفضل. بداية استخراج البترول في الجزيرة العربية لم تكن معبَّدة بالورود، وكان لها محاذيرها وتحدياتها وهاهي المنطقة اليوم تتربع على عرش الطاقة البترولية وتتحكم في قرارات كثيرة تؤثر على الاقتصاد والسياسة الدولية. مبادرة «نيوم» حلم وطموح يعبر عن إرادة سياسية تنظر للمستقبل البعيد من خلال توظيف كل المقومات الكامنة في المنطقة ماديًا وبشريًا وطموحًا، فلنكن مع التغيير للأفضل وليس ضده.