خالد بن عبدالله.. رياضي فذ ورجل إدارة متميز ورمز للوفاء والعطاء وأنموذج في الحب والعشق فلا تكاد تذكر كرة القدم السعودية، والنادي الأهلي على وجه الخصوص الا ويكون خالد بن عبدالله حاضرا في كل حديث لارتباطه الوثيق بمسيرة هذا النادي الذي جعل منه انموذجا في الحضور الفني والتنظيم الاداري، منذ ان تولي مقاليد الامور الادارية فيه في منتصف السبيعنات الميلادية بالتزامن مع انطلاقة الدوري الممتاز السعودي. إلا أن وجود خالد «الرمز» في القلعة الخضراء سبق ذلك بسنين عديدة حيث كان عضوا في الفريق الذهبي الذي تسيد الساحة في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، كأحد مهندسي خط الوسط، ضمن الجيل الثاني الذي من ابرز عناصره أحمد عيد، عبدالرزاق أبوداود، طارق كيال، احمد الصغير، ادريس آدم وغيرهم. بقاء خالد بن عبدالله في الملاعب لم يدم طويلا فقد توقف عن الركض على المستطيل الاخضر بسبب التزاماته العملية حيث عمل مسؤولا عن النشاط الرياضي في الحرس الوطني بعد تخرجه من الجامعة وهي فترة الانطلاقة للعطاء الذهبي لذلك في القطاع الرياضي للحرس الوطني حيث سار خلفاؤه على نهجه فتحول الحرس الوطني الى مدرسة لتخريج المواهب والنجوم الرياضيين. واذا كان الأهلي قد خسر خالد اللاعب فإنه قد كسب خالد القيادي والاداري الطموح الزاخر بالحب للكيان حيث شكل مقدمه لادارة النادي تحولا جذريا في اسلوب العمل الاداري بأن صنع فريقا ذهبيا كان أول من جمع بطولتي الدوري والكأس، مع الداهية البرازيلي ديدي، كما ان خالد جعل من النادي الأهلي أنموذجا للنادي الرياضي المتكامل باهتمامه بكل الالعاب الرياضية في الزمن الذي كانت فيه الاندية تعمل على تقليص الالعاب وشطبها بسبب ارتفاع التكلفة وقلة الموارد، فضلا ان إرساءه قيم ومبادئ التعامل الرياضي التي اكتسب الأهلي منها صفة «الراقي»، كان خالد بن عبدالله هو اول من أنشأ مجلس اعضاء الشرف في الاندية السعودية التي سارت عليه من بعده. وتميز خالد بن عبدالله طيلة 40 سنة من العمل الاداري والدعم اللامحدود لناديه بالوفاء الذي لم يسبقه اليه احد من قبل في الوسط الرياضي، فقد عمل على تكريم كل نجوم الفريق الأهلاوي القدامى، وتوج ذلك بإقامة كرنفال اليوبيل الذهبي للنادي الأهلي عام 1987 الذي كرم فيه كل رجالات الأهلي يتقدمهم رائد الرياضة السعودية والاب الروحي للنادي الأهلي الامير عبدالله الفيصل في تظاهرة رياضية فريدة كان نجمها البارز ساحر الكرة العالمية دييقو مارادونا، كما انه اطلق اسم الامير عبدالله الفيصل على ملعب النادي في موقعه الحالي والذي يحمل الآن اسم الامير محمد عبدالله الفيصل. ويعد خالد بن عبدالله حكيم الرياضة السعودية لما تميز به من بعد في النظر، وصدق في التعامل، وحكمة في معالجة الامور، فلم تكن نظرته قاصرة على النادي الأهلي فحسب بل تشمل كل الاندية والرياضة السعودية، فكانت القيادات السياسية والرياضية ترجع الى خالد في كثير من القضايا الرياضية الجدلية للاستنارة برأية عند اتخاذ القرارات المصيرية. وعشق خالد بن عبدالله للأهلي ليس له مثيل في الاوساط الرياضية السعودية، فقد كان الرجل الداعم الاول للنادي مع كل الادارات، وفي كثير من الاحيان الوحيد لإخراج قلعة الكوؤس من دوامة الازمات المالية التي تعيشها الاندية جميعا دون استثناء، وأرسى بفكره الاداري الخلاق دعائم الاستثمار الناجح في الاندية السعودية من خلال عقود الرعاية التي حصل عليها الأهلي الذي يعد اول فريق سعودي ترعاه شركة طيران غير وطنية «الخطوط القطرية» وشركة طيران محلية هي الخطوط السعودية بعد الغائه عقد الرعاية مع الخطوط القطرية، كما ان لديه عقود رعاية مع شركات اخرى تغذيه بالمال وفق رؤية الأمير الخبير، وعطاء الجيل الجديد من رجالات الأهلي يتقدمهم نجله الامير فيصل بن خالد والذي تعلم عشق وحب الأهلي في مدرسة والده. ويعد قرار الامير الخبير والرجل الحكيم قراءة متقدمة لما سيكون عليها حال الاندية السعودية بعد الخصخصة التي ستغير كثيرا من المفاهيم الحالية في دور اعضاء الشرف في دعم الاندية والتعامل معها، حيث ستتحول الاندية الى شركات مساهمة تديرها مجالس ادارات وجمعيات عمومية وفق نظام الشركات المعمول به في المملكة. وإذا كان خالد «الرمز الخالد» قد آثر الابتعاد إيذانا بدخول الأندية السعوية مرحلة جديدة وهو الرجل الذي كان الأهلي يشكل هاجسه الأول، فإن الوقت قد حان لجماهير ومحبي النادي الأهلي في رد شيء من الجميل لرجل العطاء والوفاء خالد بن عبدالله، وأن يكون ذلك في تظاهرة رياضية فريدة في نهاية الموسم الحالي تحاكي شيئا مما قدمه الرجل للرياضة السعودية عموما وللنادي الأهلي خصوصا، ولهم فيما صنع خالد من قبل نماذج تحتذى في الوفاء والتكريم.