يعتبر الظلم من أسوأ الذنوب، وتوعد الله سبحانه وتعالى الظالم المعتدي على الآخرين قولا أو فعلا بالوعيد الشديد «مَن ظلَم يُظلَم، ولكل ظالم نهاية»، قال عليه الصلاة والسلام (دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء)، ويقع الظلم على مدير مجتهد لتطوير أداء عمل إدارته التي يعمل بها من مسؤول وحيد محروم من حب الناس، فالسلطة المطلقة التي حصل عليها لفترة من الزمن جعلته في حالة لا يرى معها سوى جشع تسلطه لتنهار معها المعايير الأخلاقية وكل المواعظ، والتحذير من العقوبات في الآخرة تقع على آذانه صماء وقلب غافل، وإذا ما أزيلت عنه سلطته الإدارية المؤقتة تغيرت شخصيته تماما وأصبح ودودا متواضعا، بل وتراه كالطير مكسور الجناح يئن وينزف دما. وتتسم أحيانا علاقة الموظف مع رئيسه المباشر بالتسلط والتهميش، وخلق ممارسات تجلب الإحباط والكآبة لتثقل كاهله، ولتؤدي إلى تدني مستوى العمل وجودة الإنتاجية في الإدارة الذي كلف بإدارتها، وهي علاقة طبيعية من مدير تولدت لديه رغبة في شخصنة الأمور ومحاولة إزاحة من يراهم خطر في مساره الوظيفي وتنفيذ أجندته المستقبلية. وعندما يصبح المدير المباشر عن حماية حقوق الموظفين، هو من ينتهك حقوقهم الوظيفية ويتلاعب بمستقبلهم المهني، ومن بعدها يرسم تلك الابتسامة الساخرة على وجهه، معلنا انتصاره على كل الأنظمة وقدرته على التلاعب بالقوانين لتلبية مصالحه الشخصية، فهنا وجب التوقف وتسليط الضوء على هذه السلوكيات، والإسهام في جذب الانتباه لردع تصرفاته، حيث يظن أنه بتهميش غيره وتشويه صورته سيضمن لنفسه القرار والاستقرار والديمومة في مجاله، ويحرص على أن يدفن كل من يعمل معه حتى لا يظهر في الصورة أحد سواه، ظنا منه أنه بذلك يضمن بقاءه، ويضمن عدم الاستغناء عنه واستمراره في القيادة، ونسي أن كل شيء بقدر الله تعالى. كان عليه الصلاة والسلام يدعو ويقول (اللهمَّ إني أعوذُ بكَ من خليلٍ ماكر عينَه تراني، وقلبُه يرعاني، إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها). إن الفشل الإداري ينتج وبلا شك من قضايا التسلط والاستبداد ومحاربة الكفاءات والمواهب المميزة، وهو نتيجة حتمية لوضع موظف في منصب قيادي يخشى منافسة المبدعين والمميزين من قرنائه العاملين. وتتوقف عقارب الساعة في حياة موظف بسبب ظلم يرتكبه مسؤول في حقه، فلا يستطيع أن يُحرّك ساكنا ولا يستطيع الشكوى أو التظلم، لأنه قد يتسبب في ضرر أكبر على نفسه من الرئيس الأعلى.