نتائج الانتخابات الألمانية البرلمانية التي أُجريت يوم الإثنين الماضي شكَّلت صدمة داخل ألمانيا وخارجها. فرغم فوز المستشارة الألمانية الحالية مع حزبها المحافظ «حلف المسيحيين الديمقراطيين» بالمركز الأول في الانتخابات، إلا أن النسبة -والتي بلغت 33.5% من الأصوات- ليست كافية لها لتشكيل حكومة مستقلة، بل عليها التحالف مع أحزاب أخرى لتشكيل الحكومة، وهو ما قد يعيق تنفيذ حزبها لبرامجه كافة. أما المفاجأة الكبرى والصدمة الحقيقية فهو فوز حزب اليمين القومي الشعبوي المتطرف بالمرتبة الثالثة وبنسبة 13.5% من الأصوات خلف حزبي حلف المسيحيين الديمقراطيين، والاشتراكيين الديمقراطيين، ومتقدمًا على أحزاب الليبراليين الديمقراطيين الأحرار، وحزب اليسار، وحزب الخضر. أنجيلا ميركل ذاتها وفي كلمة أمام أنصار حزبها بعد الفوز قالت نصًّا: «أنا سعيدة بالفوز لكننا كنا نأمل بنتيجة أفضل، نواجه تحديًا جديدًا كبيرًا هو دخول حزب البديل لألمانيا البوندستاج (البرلمان)». النتيجة التي أفرزتها الانتخابات الألمانية شهدت للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية دخول حزب قومي متطرف داخل البرلمان الألماني الاتحادي، وهذا يعني عودة الروح النازية التي أخافت وأرعبت العالم لسنوات، والتي شكَّلت الصدمة الكبرى لعدد كبير من الألمان ولمن هم خارج ألمانيا ممن كانوا يتابعون تلك الانتخابات. فما هي ماهية هذا الحزب؟ وكيف وصل إلى هذه النتيجة؟. تأسس حزب اليمين القومي الشعبوي المتطرف (AFD) أو كما يسمى أحيانًا حزب البديل الألماني عام 2013م قبل أربع سنوات فقط، وشكلت المقاطعات الألمانية في شرق ألمانيا مراكز شعبيته، بعكس المقاطعات في غرب ألمانيا حيث يفتقد الحزب لأي تعاطف فيها. ويعتبر محللون أن الحزب إنما هو امتداد للحزب النازي القومي (NPD) الذي لم يحقق شيئًا في انتخابات المقاطعات الألمانية أو الانتخابات الاتحادية. تقوم سياسة الحزب على رؤية شعبوية بأن تكون ألمانيا أولاً كما في صدى أقوال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكما في سياسات الأحزاب اليمينية الأوروبية المتطرفة، وتقوم تلك السياسة على رفض الاتحاد الأوروبي، وإقفال الحدود بين دول الاتحاد أمام حركة المهاجرين، وتُركِّز كثيرًا على رفض الإسلام والمسلمين وطردهم من ألمانيا وهدم المساجد. زعيم الحزب ألكسندر غاولاند وصف الإسلام بأنه: «ظاهرة سياسية ليست جزءًا من ألمانيا»، كما نادت شريكته في زعامة الحزب «أليس فيدل» إلى: «طرد المهاجرين المسلمين لأن الإحصاءات -بحسب ما عرضته- تشير إلى ارتفاع معدل الجريمة بينهم». وقالت: «إن وجود أعداد كبيرة من المسلمين يؤدي إلى تآكل دولة القانون والنظام». كما يطالب الحزب بمنع الأذان وتمويل بناء المساجد، ويُحذِّر من خطر النقاب والبرقع، لأن الحجاب كما يرونه «يعتبر علامة دينية سياسية على خضوع النساء للرجال». وقد صورت إحدى اللوحات الدعائية للحزب أثناء الانتخابات فتاتين ألمانيتين بملابس البحر وتحت عنوان: «البرقع؟ نحن نحب البكيني». فوز حزب البديل الألماني بعدد (90) مقعدًا في البرلمان الألماني (البوندستاج)، إنما هو حلقة أخرى مما شهدت أوروبا والغرب بعامة من ثقافي خطابات الكراهية ضد كل ما هو أجنبي، وهو ما سيشكل ليس خطرًا على هؤلاء -أي الأجانب- بقدر ما يشكل تهديدًا خطيرًا للقيم الأوروبية، ويُشكِّل تحديًّا كبيرًا جدًّا على سياسات الأحزاب الحاكمة التقليدية، كما وصفته المستشارة أنجيلا ميركل، في عملها القادم لقيادة ألمانيا وأمام برامج حزبها.