بدأت المحكمة الدستورية الألمانية الثلثاء النظر في طلب حظر الحزب القومي الديموقراطي للنازيين الجدد المتهم بأنه «مخالف للدستور»، في دعوى نتائجها مفتوحة على كل الاحتمالات بعد فشل محاولة أولى في 2003. وقال القاضي أندريا فوسكولي الذي يرأس الجلسة، إن حظر حزب هو «سلاح ذو حدين يجب استخدامه بحذر. إنه يحد الحرية من أجل حماية الحرية». وأضاف أن «كل قضية تتعلق بحظر حزب تشكل تحدياً لدولة حرة ودستورية وديموقراطية». وقررت أعلى هيئة قضائية في البلاد تتخذ من كارلسروهه (جنوب غرب) مقراً، أن تعقد جلسات لثلاثة أيام، أمس واليوم وغداً، للنظر في هذا الطلب الذي قدمه في 2013 مجلس المستشارين الذي يضم ممثلي المقاطعات في البرلمان. لكن يتوقع ألا تصدر قرارها قبل عدة أشهر. ويرى مجلس المستشارين أن الحزب القومي الديموقراطي والمنظمات المرتبطة به «يخالفون الدستور» ويجب حظرهم لأن الحزب «يريد زعزعة الاستقرار وإسقاط النظام الليبرالي الديموقراطي وينوي أن يفعل ذلك بشكل عدائي». ومنذ 1945 لم يحظر سوى حزبين في ألمانيا، أحدهما حزب الرايخ الاشتراكي النازي في 1952، ثم الحزب الشيوعي الألماني بعد أربع سنوات. وعادت فكرة منع الحزب القومي الديموقراطي الذي أسسته في 1964 عناصر سابقة من الحزب النازي، بعد اكتشاف في 2011 المنظمة الإجرامية «السرية القومية الاشتراكية». وأعضاؤها القريبون من الحزب القومي الديموقراطي متهمون باغتيال عشرة أشخاص معظمهم من أصل تركي بين عامي 2000 و2006. لكن المستشارة الألمانية أنغيلا مركل تخلت عن تأييد طلب مجلس المستشارين، وإن كانت الحكومة تعتبر الحزب القومي الديموقراطي «منافياً للديموقراطية ومعادياً للاجانب وللسامية ومخالفاً للدستور». وكانت محاولة سابقة لحظر الحزب أخفقت عام 2003 وشكلت نكسة للتحالف بين الخضر والحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي كان حاكماً حينذاك. ورأت المحكمة حينذاك أنها لا تستطيع الحسم في هذه القضية طالما أن مخبرين للاستخبارات الداخلية الألمانية يعملون داخل قيادة الحزب القومي الديموقراطي. وقال القضاة إن احتمال أن يكون هؤلاء عملوا كعناصر تحريض ودفعوا الحزب إلى مخالفة الدستور. وينوي الحزب القومي الديموقراطي استخدام هذه الحجة لتقويض الدعوى، إذ إن محاميه بيتر ريشتر أكد أنه من المستحيل البرهنة على أن مخبرين «لا علاقة لهم فعلاً». إلا أن مؤيدي منع الحزب بدوا واثقين من النتائج أمس. وقال أحد مقدمي الدعوى هولغر شتالنيكت وزير الداخلية لمقاطعة ساكسونيا انهالت: «نحن مستعدون بشكل جيد ولدينا أمل في أن تنتهي القضية بالشكل الصحيح». لكن بعض الحقوقيين والجمعيات يرون أن منع الحزب غير مبرر سياسياً. ويوضح هورست ماير الحقوقي ومؤلف «حظر الحزب القومي الديموقراطي: مسرحية ألمانية من فصلين»، في كتابه هذا، أن إحدى نقاط القوة في القانون الأساسي هي حرية الأحزاب. وأضاف: «يجب أن نتعلم المعاناة من الآراء العبثية والخاطئة» في الديموقراطية، معتبراً أن الحزب القومي الديموقراطي لا يشكل أي خطر. «ذر الرماد في العيون» والحزب القومي الديموقراطي الذي يواجه صعوبات مالية بعد حرمانه من الدعم المالي الحكومي في شباط (فبراير) 2013، لم يعد ممثلاً بنواب سوى في مكلمبورغ بوميرانيا الغربية (شرق) ولم يحصل سوى على 1,3 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الاشتراعية في 2013. في المقابل، يرى معارضون آخرون للحظر أن إجراء كهذا بات قديماً، لأن الوضع السياسي الألماني تغير مع ظهور حركة «الوطنيون الأوروبيون ضد أسلمة الغرب» (بيغيدا) أو النجاح المتزايد لحزب «البديل لألمانيا» الذي يعتمد على المخاوف المرتبطة بتدفق أكثر من مليون مهاجر في 2015. وقال منسق مؤسسة «أماديو أنطونيو» المناهضة للعنصرية وتحمل اسم أنغولي قتل بضربات عصي البيسبول في براندنبورغ في 1990، إنه «ذر للرماد في العيون».