العشر الأوائل من ذي الحجة موسم عظيم للطاعات ونبعٌ عَذبٌ للارتواء من الحسنات، وفي هذه الأيام كنوز ثمينة للمسلمين، لذلك أقسم الله بهذهِ الأيام، قال الله تعالى: «وَالفجرِ وَلَيالٍ عَشْر» لذا اختص شهر ذي الحجة عن باقي شهور السنة بنفحات إيمانية وبركات خاصة بفعل المديد من الطاعات والعبادات التي ترتقي بحياة المؤمن وتجعلهُ في المنهج الصحيح، فعندما هاجر الحجاج وتركوا أموالهم وأهليهم كان بيت الله وجهتهم فضجَّ الركب ب»لبيك اللهم لبيك» وتجردوا من لِباس أهل الدنيا، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قدوتهم في ذلك، ولمَّا انقطعوا عن الدنيا يوم عرفة يوم ذكرٍ ودعاء كان كتاب الله زادهم، ولمَّا رموا الجمرات كان ذلك إعلانا بأن جهاد عدو الله سبيلهم، ولما ذبحوا الهدي كان ذلك التسليم لما قضي الرحمن فكان الله غايتهم، وعندما قيل للحسن البصري: «ما بال المجتهدين بالعبادة من أحسن الناس وجوها؟» قال: «إنَّهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورا من نوره، وردد: الَّلهم أعني على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك». مما لا شك فيه أنَّ شهر ذي الحجة بالذات اجتمع فيه آمران أنه من أشهر الحج ومن الأشهر الحرم، لذا في هذه الأيام يقع فيها كثير من أعمال الحج، يوم التروية في الثامن من ذي الحجة، ويوم عرفة في التاسع من ذي الحجة، ويوم الحج الأكبر وهو اليوم العاشر يوم العيد، يوم النحر هو يوم العاشر من ذي الحجة، وأفضل أيام السنة في هذه العشر هو يوم عرفة، وفي هذه الأيام تتوافد الجموع المؤمنة حجاج بيت الله الحرام من جنسيات مختلفة من كل بقاع الدنيا نحو رحاب الأراضي المقدسة أرض الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين ومهبط الوحي الأرض الطاهرة بلادُنا الحبيبة التي سخرت كل إمكاناتها وطاقاتها وجميع خدماتها لخدمة ضيوف الرحمن وترحب بهم وبقدومهم الميمون على مر العصور والسنين.