عندما ابتكر النجمُ التلفزيوني الأمريكي الراحل ألن فونت برنامج الكاميرا الخفية في عام 1948م في قناة CBS، كان هدفه إنسانياً، وهو اصطناع مقالب ناعمة للناس، مثل ملمس الورود، تزرع الابتسامة على ثغورهم رغم همومهم ومشاغلهم الكثيرة، حتى أنّ شعاره كان (ابتسم فأنت على الكاميرا الخفية)!. بعدها اقتبس العالمُ فكرة البرنامج، لكن مع تحريف البعض لهدفه، ليُصبح برنامجاً للمُزح الثقيلة التي تغلب عليها الغرابة والخشونة والترويع !. ولم تشذّ قناة mbc عن ذلك، فها هي مستمرّة في تقديم برنامج الفنّان رامز جلال كلّ عام، وتحديداً في شهر رمضان، وكأنّه شهر المقالب لا شهر العبادة والروحانيات، وتحت عنوان مختلف في كلّ مرّة، فمرّة رامز ياكل الجوّ، ومرّة رامز يلعب بالنار، ورامز تحت الأرض لهذه السنة، الذي هو في الحقيقة برنامج أسخف عرض، يُمارس فيه بطلُهُ عُقدَه النفسية في الإيقاع بالمشاهير في مقالب خطيرة، مُستخدِماً أحدث التقنيات لأجل ذلك، وهو يستمتع بها أيّما استمتاع، ويُتحفنا من خزائن ثقافته ألفاظاً ساخرة على ضحاياه تكاد تنحدر لدرك البذيئة، مُتجاهلاً أنّ أطفالنا يتناقلونها ويتداولونها بينهم، وصاروا يهتمّون بصناعة المقالب أكثر من أسرار التقنية المُستخدمة لها، وما أسوأها من قدوة نمنحها لهم في هذا الشهر الفضيل !. أنا أعتب على القناة رعايتها لهذا البرنامج، وهي تُوفِّر تمويله وتعويض ضحاياه الأثرياء أصلاً من أرباح الإعلانات التجارية التي تعرضها، والتي جُلّها لحساب الشركات التجارية السعودية الساعية لجذب المستهلك السعودي، وهكذا أصبح هذا الأخير هو المُموِّل للبرنامج بشكل غير مباشر!. قبل سنوات أنتجت القناة مسلسل (عمر بن الخطّاب)، وكان عملاً جبّاراً وراقياً تُشكر عليه، ولا مقارنة بين المسلسل والبرنامج، فالأول يستحق الإشادة والثاني مطلوب عنه الإفادة، هل هو مقبول من القناة التي دخلت كلّ بيت سعودي وعربي؟.