في بعض المجالس يتساوى الإنسان مع قطعة الأثاث التي بجانبه ، فالصمت سيد الموقف ، تأتي لمناسبة أو اجتماع وأنت تُمني نفسك بأن للعلاقات الحقيقية أثراً وبأنك ستقابل أُناساً حقيقيين ليس عبر شبكة إنترنت ، تكتشف بالنهاية بأن الروتين سرق لسان البعض ، وبأن حرارة المصافحة أوهنها حمل الأجهزة والضغط بحماس على أيقوناتها . إذا كُنت سأجلس مع نفسي هكذا فلماذا أكلف عليها عبء حضور هذه الزيارات التي لا يكاد ينطق فيها أحد ؛ إلا الأسئلة المعتادة. إننا نهتم بتفاصيل المكان وبأناقته وبما سيُقدم أكثر من اهتمامنا بتبادل الحديث والمعلومة والنكتة الطريفة التي تُشعِرنا بوجودنا في مجلس واحد . البعض يغلق نوافذ التواصل بمجرد وصول بطاقة دعوة لمناسبة أو وليمة ، فهو يعتذر مباشرة ، لأن وجوده لن يقدم أو يؤخر شيئاً ،وبالتالي أصبحت علاقاتنا محدودة وخبراتنا في الحياة معدومة . بيئة العمل تختلف عن بيئة المنزل ،فأنت في الأول بحكم المصلحة مجبر على الاختلاط والتعرف والحديث أما الثاني فلا. أحياناً الرسميات في بعض الاجتماعات تلغي العفوية والبساطة ، وتمنع الابتسامة. نحتاج معشر النساء للفضفضة ، وسعة الصدر كما يقال و لبعض الحكايات التي تُفرحنا وتُخرجنا عن عالم الصمت لعالم الحركة والضجيج . وكم من قصص استمعنا إليها ، وأحاديث ظلت عالقة بأذهاننا عمراً ، لولا الحديث لما استطعنا استخراج مكنون صدورنا ، ولما انفرجت أساريرنا حين نُقابل الناس ونجلس معهم . إذا كنت سأجلس بمفردي، وأحادث نفسي، فالأولى أن أغادر المكان ، فأنا ما جئتُ لأكمل العدد ، وإنما جئتُ لأقول : أنا هُنا .