العلم والمال تنافسا على البقاء خلال الحقبة السابقة فأسقط المال من قبل العلم في الماضي. فعندما تقرأ أو تسمع بأن الباحث يبحث عن العالم أينما كان ويقطع المسافات الطويلة للتثبت من صحة حديث أو معلومة (البخاري ومسلم) وغيرهما ممتطيا راحلته (حصانا أو جملا...) تصور حجم المعاناة والمخاطر التي تواجهه حتى يصل لمراده.. وآخرون يعانون حتي يصلون للعلماء لينهلوا من علمهم.. وقصة التابعي سعيد بن المسيب برفضه تزويج ابنته لابن الخليفة عبدالملك بن مروان (الوليد) وزوجها أحد طلابه الفقراء بدرهمين يدعى (أبو وداعة) لعلمه وتقواه هي أكبر دليل على إزاحة العلم والدين للمال في تلك الحقبة. بينما طغت الماديات منذ عصر الرأسمالية الغربية المقيتة وقلبت الموازين على العلم الشرعي على وجه الخصوص في العالم الإسلامي، ليصبح المال كل شيء فهو ميزان التعاملات بين الناس وهو الأساس حتى يطلق عليك ب (الشيخ أو الرجل...) ويشار إليك بالبنان.. تذكرت قصة حصلت في هذا الصدد عندما سأل رجل صديقا لي عن عريس يريد الزواج من أخته- طبعا الرجل سأله عن تعامله مع الآخرين ولم يسأله عن وظيفته لأنه بالكاد ولد ( شيخ) بمعناها الذي ذكرناه.. واستغرب أنه لم يسأله عن صلاته وصلاحه، وليبرأ ذمته قال له: ترى الصلاة لا أعرف عنه شيئا، ففاجأه قائلا (يهتدي) وحمد الله بأنه لم يصفه ب(الملقوف) وفي النهاية مع الأسف تنتهي الحياة بينهما بالطلاق الذي كثر في مجتمعاتنا.. وهذه ضريبة الحياة المادية الخالية من العلم والدين أفسدت حياتنا في كل شيء.. فهل من عودة للماضي الجميل؟.