قال تعالى» (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) (23) سورة الإسراء. لقد درسنا هذه الآية الكريمة في المدارس، وحفظناها عن ظهر قلب، فكم من محاضرات في برِّ الوالدين سمعنا؟ وكم من مواعظ شاهدنا؟ وكم كان التركيز على أهميَّة طاعة الوالدين وبرِّهما؟ لكن هل الطاعة وحدها تكفي لحصول البر؟ ربما تناسى البعضُ، أو جهل آخر الآية (وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا)، فمَن منَّا يحرصُ على أن يُسمع والديه كلامًا جميلاً يسعدهما، ويشعرهما بعظمة مكانتهما، وأنَّ خدمتهما قبل أن تكون بدافع الواجب، وردِّ الجميل، فإنَّها تكون بدافع الحبِّ الذي يقودنا للامتثال بأمر الله في إرضاء وطاعة الوالدين، وحقًّا كم أتعجَّبُ من أناسٍ ينادون أمَّهم ب»العجوز»، ووالدهم ب»الشيبة»! فهل هذا من القول الكريم لهما؟ فبالرغم من تقدمهما بالعمر إلاَّ أنَّ حاجتهما لسماع الكلام الليّن والجميل أكثر من السابق، بل وإنَّ حاجتنا نحن لوجودهما ودعمهما ودعواتهما الصادقة أكثر بكثير من حاجتهما إلينا. فلماذا نبخل بكلماتنا الجميلة؟ ولماذا نخفي مشاعرنا تجاه والدينا بحجة أنهما يعرفانها؟ ولماذا نخجل في أن نقول لأمهاتنا: أمي كم أحبك! فكم رأيتِ الموت كي أرى النور، وكم جاهدتِ كي تغرسي فيَّ عقيدة التوحيد؟ ولماذا يصعب علينا القول لآبائنا: أبي كم أحبك، فكم عانيتَ في الحياة لتوفير سبل الراحة لي، وكم تعبتَ حتى ترسخ فيَّ القيم والأخلاق؟ لعلَّنا لم نعتد على أن نعبر عن مشاعرنا صراحةً، فما العيب إن أعلناها مجرَّدة، أنا أحبكما كما تحباني، ومن أجل كل شيء قدمتماه لي، بل أنتما كلُّ شيء بالنسبة لي، فكلمة أحبكما رغم بساطتها إلاَّ أنَّها ستدخل السرور على قلبيهما. نسأل الله أن يوفقنا لبر والدينا قولاً وعملاً.