في مخيم موحل يبعد أكثر من 50 كيلومترا شمال الرقة، يتذكر فارون من ابرز معاقل داعش في سوريا «الجحيم»، الذي تعيشه مدينتهم على وقع اقتراب هجوم قوات سوريا الديمقراطية عليها. وفرّ المئات هذا الأسبوع فقطعوا طرقات وعرة ليصلوا في نهاية المطاف إلى مخيم في بلدة عين عيسى. يصف محمد محمود (38 عاما) حالة التوتر في مدينته بقوله: «الأوضاع هناك جحيم وخوف وقصف». إطلاق الشائعات وأثار التنظيم قبل أيام المزيد من الذعر لدى سكان الرقة أن سد الفرات على وشك الانهيار نتيجة المعارك الدائرة قربه. ويبعد السد 55 كيلومترا غرب مدينة الرقة الواقعة على الضفة الشمالية لنهر الفرات. ويتذكر محمد مشاعر الخوف التي انتابته وقتها. ويقول: «خرجت سيارة شرطة داعش تنادي الناس عبر المكبرات أن بلاد المسلمين ستغرق بعدما انهار سد الطبقة». ويضيف «شعرت بخوف شديد». ذهب مسرعا إلى منزله لياخذ أطفاله وزوجته ويفر بهم إلى «البراري». انفاق وسواتر ويقول محمد «انتهى داعش»، مشيرا إلى فرار الكثير من مناصريه إلى مدينتي الميادين والبوكمال في محافظة دير الزور الواقعة تحت سيطرة التنظيم في شرق البلاد. وفي المخيم الذي يعيش فيه حاليا أكثر من ألفي نازح، يتناول أطفال السندويشات ويحملون عبوات مياه بعد رحلة متعبة. ويلعب آخرون بالقرب من خيم تحمل شعار مفوضية الأممالمتحدة للاجئين. وعند مدخل المخيم، يفتش عناصر الاسايش (قوى الأمن الكردية) في حاجيات الوافدين، فيما تصل شاحنة جديدة محملة برجال يطلقون لحى كثة ونساء منقبات وأطفال بدا تعب الرحلة واضحا على وجوههم. ويروي أحمد، رجل خمسيني، أنه خلال رحلة الفرار «كنا نخاف كثيرا من الطيران، كنا نخاف أن يظنوا أننا من الدواعش». يجلس أحمد على حقائب حملها معه وحوله اطفاله الستة، ويروي «ترك غالبية عناصر داعش الحواجز، ولم نعد نراهم كما في البداية، بنوا الأنفاق حول المدينة، ووضعوا السواتر الترابية داخلها». الخناق يضيق يتذكر زهير أحوال مدينته خلال الفترة الأخيرة. ويقول: «الظروف في الرقة صعبة في الفترة الأخيرة.. عناصر داعش يخافون كثيرا من الهجوم عليها». ويضيف «هرب الكثير من الدواعش برفقة عوائلهم على الدراجات النارية، وتراجع عدد نقاط التفتيش كما وضعوا السواتر امام جميع المحلات». وبرغم أن الكثير من المقاتلين أخرجوا عائلاتهم من المدينة. سجن زهير مرات عدة وتم جلده على يد عناصر التنظيم مرات عدة لبيعه السجائر سرا في المدينة. يتوقف عن الكلام قليلا وتغرورق عيناه بالدموع قبل أن يضيف «اهلي كلهم هناك ولا أعرف عنهم أي شيء».