يكثر عدد المشاهير في ساحات مواقع «التفاصل» الاجتماعي إن صحت التسمية.. وتساءلتُ بدوري عن نوع الهوس الذي يعتري أولئك المتابعين -صانعي شهرة النصف الآخر- وهم يراقبون تصرّفاتهم صغيرها وكبيرها.. يوثق أحدهم لمتابعيه تفاصيل حياته اليومية -العادية جدًا- ابتداءً بتناوله لوجبة العشاء وكأنها الحادثة الأولى من نوعها التي تثبت أنه من الكائنات غير ذاتية التغذية، وتصوّر إحداهنّ تمارين «السكوات» التي تمارسها يوميًا بل «سنابيا» فيتابعها الكثيرون بغرض نشر ثقافة «الرياضة»! دواعي الشهرة باتت مختلفة عن السابق، ومن تطمح أو يطمح إليها لن يحتاج إلى مال أو علم أو منصب كي يصطف مع مشاهير هذا العصر، سنٌّ بارز أو بُرطم ناقة.. أحدهما أو كلاهما قد يفي بالغرض!، سيجتمع الكثير ممن لا يعجبهم هذا الشخص ويتابعونه ويعلّقون على ما ينشره بكلمات توضّح جليّا للعين المجردة أنه لا يعجبهم!، لكن ما لا يدركه هذا المتابع أنه هو من يدفع فاتورة الإنترنت «اللامحدود» لهذا المشهور الذي يغرّد عن أمور لا تمتّ لحملات مقاطعة شركات الاتصال بصلة، وهو من يهديه قيمة السيارة التي يصوّر فيها أغلب مقاطعه، وقيمة التذاكر وحجوزات الفنادق في سفرياته كي يتحفهم بالمزيد مما اعتبره متابعوه «حماقات». قد لا أكون مخطئا إن قلتُ إنّ أغلب المتصدّرين للمواقع الاجتماعية حاليا يجمعهم هدفٌ واحد هو الحصول على النصيب الأكبر من عوائد الإعلانات التجارية، لذا فإن أحدهم لا يجد بُدًا من زيادة جرعة الاستظراف، وسبر أغوار السماجة، ورفع سقف الحياء، وخدش الذوق العام حتى تسيل دماؤه، في مقابل زيادة عدد المتابعين ومشاهداتهم. قد تكون عبارة (لا تجعلوا الحمقى مشاهير) هي اكثر عبارة ترددت في العامين الأخيرين وأُنشئت لأجلها «الهاشتاقات» التي صُلِب على جذوعها الكثير من المشاهير، ولو تأملنا تلك الدعاوى لإسقاط الحمقى نجد أن أصحابها لا يناشدون إلا أنفسهم! ، فزرّ «أنفلو» واحد كفيل بأن ينقص عدد الحمقى في هذا العالم واحدًا.