* سعى كلٌّ من الإنجليز، والأمريكيين، منذُ ما يقرب من مئة عام، للتخلُّص من المشكلة اليهوديَّة، وذلك بإنشاء الكيان الصهيونيّ فوق أرض فلسطين العربيَّة والمسلمة، وإذا كان الإنجليز وعدوا بإنشاء الدولة من خلال وعد بلفور Balfour، ودعم الأمريكيون هذا الوعد منخلال الضغط الذي مارسه الرئيس الأمريكي ويلسون Wilson، وتطور الدعمالأمريكي من خلال اللوبي الصهيوني في أروقة السياسة الأمريكيَّة إلى جعل القضيَّة الإسرائيليَّة مسألة داخليَّة، لا يجوز المساس بها، أو التشكيك فيها، بل بلغ الأمر بهم إلى جعلها جزءًا من العقيدة المسيحيَّة، وهو ما تجسِّده أسطورة أرض الميعاد، والتي استبدلت العهد الجديد بالعهد القديم. * القرار الأمميّ الأخير، والذي أدان الاستيطان، ولم تستخدم ضدَّه أمريكا «الفيتو»، بل امتنعت عن التصويت، جاء نتيجة للأسلوب العنصريّ الذي مارسه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو ضد شخص الرئيس الأمريكي باراك أوباما على مدى ثماني سنوات، وأدرك «أوباما» أنَّه على الرغم من الانحياز الأمريكيِّ للمطالب الصهيونيَّة، فإنَّ نتانياهو يزداد صلفًا وعتوًّا، أي أنَّه بعبارة أكثر وضوحًا بأنَّ القيادة الإسرائيليَّة تستكثر وجود رئيس أمريكي من جذورمختلفة في البيت الأبيض الأمريكي، وهي بهذا السلوك تستنسخ ما مارسه النازيُّون ضد اليهود، وتحاول تطبيقه على الآخرين، وفي كلِّ مرَّة يلتقي «نتانياهو» أوباما، كان الأول ينظر بفوقيَّة واستعلاء إلى الثاني، ولم تنفع كلُّ أساليب التدليل التي مارسها أوباما مع الكيان الصهيونيّ، فكان الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن على قرار إدانة الاستيطان فوق الأراضي المحتلة، الفرصة الملائمة ليوجِّه « أوباما» صفعةً ل»نتانياهو»، فهو مغادر للبيت الأبيض بعد أسابيع قليلة، فالقرار انتقام من النظرة الشوفينيَّة التي مورست ضد أوباما أكثر منه كدعم للموقف العربيِّ والفلسطينيِّ، فلقد كان بوسع الإدارة الديموقراطيَّة صنع الكثير لمشروع قيام الدولة الفلسطينيَّة، ولكنَّها لم تفعل جُبنًا من اللوبي الصهيوني. إلاَّ أنَّ الأمرَ الأكثرَ خطورةً هو مجيء رئيس جمهوريّ جديد، لا تحتاج معه إسرائيل إلى أيِّ نوع من أنواع اللوبيّ اليهوديّ، أو الصهيونيّ، فسوف يتحوَّل الكونغرس إلى كنيست إسرائيلي، يكون الأكثر ولاءً لإسرائيل على مر التاريخ.