تظل ادارة حماية المستهلك محل نقاش وأخذ ورد حول مدى امكانية تنفيذها لدورها المطلوب,, وعن سبب قصورها في أداء مهمتها وضعف فاعليتها,, وربما هذا عائد لقلة الامكانات المادية والبشرية المسخرة لها,, وكذا محدودية الصلاحيات الممنوحة لها,, وايضا عدم قدرتها على التكيف مع تطور أساليب العرض والبيع,, وتمسك (حماية المستهلك) بأساليب روتينية نمطية في اداء دور حيوي بحاجة لتفاعل وديناميكة وآلية اكثر تطورا لمسايرة تضخم الاسواق وتوسعها أفقيا ورأسيا,. وعلى كل حال ليس شأننا معالجة قصور هذه الادارة في اداء رسالتها ولكن يكفي ان نذكرها بالدور الهام والحيوي الذي تضطلع به او المنتظر منها,, ونهدي لها هذا الموقف,. قال لي صاحبي,, لدي فكرة مبتكرة وغريبة عن مشروع تجاري قلت له مبروك,, ولكن ماوجه الغرابة والابتكار فيها؟ ,, قال ,, أخطط ان اشتري مجموعة من السيارات الجديدة ثم أفككها وأبيعها كقطع غيار,, وبهذا سأدخل ثلاثة أو اربعة أضعاف ثمنها!. قلت هذه فكرة جنونية,, لكن انا اعرف تمام المعرفة,, فأنت (منتف) الجيوب,, وغير قادر على شراء (دباب) فضلا ان تشتري مجموعة سيارات,, ولكن تريد ان تقول انه حدث لك موقف له علاقة بقطع الغيار,, أليس كذلك؟,, تنهد قائلاً هو ما تقول,, قلت ما الذي حدث؟؟ قال,, الذي حصل ان مكيف سيارتي وهو الكتروني اصيب فجأة بحالة هستيرية او بمس من جنون,, فأصبح يصدر اصواتا غريبة,, وينطفىء ويعمل,, يبرد ويسخن,, يضيء ويظلم,, ويرعد و,, فقاطعته,, أوجز ولاتطنب فالزاوية محدودة المساحة,, قال فأسرعت الى كهربائي مشهور ومتخصص بهذا النوع من المكيفات في الصناعية,, ولما فحص المكيف قال يوجد قطعة معطوبة من الضروري تبديلها ولكن سنضطر الى شراء الجهاز كاملا,, ومن ثم احضرت له جهازا جديدا,, تناوله ثم نظر له ملياً وقال كم ثمنه؟ قلت 900 ريال,, فظهر الامتعاض على وجهه,, وقال وهو يهز رأسه متأسفا,, ان مكيف سيارتك بحاجة لقطعة لاتساوي غير ريالين فقط,, ولكن تجار قطع الغيار يفرضون على العميل شراء كامل الجهاز وهو ليس بحاجته,, للأسف ان لا أحد يراقبهم ويحاسبهم,,! هذا ياصاحبي الموقف الذي حدث لي,. قلت وماذا عملت بالمكيف الاول؟؟ ,, قال لم تطاوعني نفسي ان ارميه,, وهو يمكن ان يعود سليما كما كان مقابل ريالين فقط,, فوضعته في (شنطة) سيارتي,, يذهب معها اينما ذهبت وأينما اقامت فهو معها مقيم,, فلعلي اجد تاجرا يستورد هذه القطعة لوحدها ويبيعها عليّ ولو بعشرة اضعاف ثمنها,, قلت اذن سيقيم في سيارتك الى يوم يبعثون,, قال المهم انك عرفت سر الفكرة التي عرضتها عليك؟,, قلت حسنا ولكن ماذا تريد مني؟ قال اريد ان أعرف رأيك فيما حدث! ,, قلت الله المستعان,. ياحماية المستهلك,, هل انتم أحياء فترجون أم أموات فتنعون!,. ما رأيكم بمثل هذا الموقف؟,, ومثله يحدث باليوم المئات,. إن سوق قطع الغيار او (قطع الظهر) بحاجة لاهتمام خاص اكثر من اي سوق آخر,, فهو سوق تتداول فيه سنويا المليارات من الريالات,, وشوارعنا تجري فيها اربعة ملايين سيارة,, وتدخل المملكة سنويا عشرات الآلاف من السيارات,, ومن مصائب حوادث المرور انها تساهم في انتعاش تلك الاسواق (ومصائب قوم,,) والمواطن ليس لديه غير سيارة وحيدة,, وقطع الغيار هي حاجة اساسية له وليست كمالية,, ولاخيارات كثيرة امامه,, فمثلاً سوق الملابس لدى المستهلك خيارات كثيرة من الموديلات او من تعدد المنتجين والمصنعين,, وخيارات الاسعار,, فيجد ما يرغب وبما يتناسب مع مستوى دخله,. لكن في سوق قطع الغيار لاخيارات امامه,, فكل قطعة غيار خاصة بموديل معين,, وغالبا بلد الانتاج والمصنع واحد,, وربما يحتكرها في اسواقنا تاجر او تاجر محدودون,, فيضطر المستهلك لشراء القطعة ولو كانت باهظة الثمن,, اما عدم توفر قطعة الغيار كما في قصة صاحبنا فهو شي آخر,, فهو اجبر على دفع (898) ريال,, رغم ان القطعة التالفة لاتساوي غير ريالين,, فربما يكون بهذا خسر ربع او ثلث دخله الشهري وذهب لجيب المحتكر والأجنبي رغم أنفه,. نعلم ثقل المهمة التي تضطلعون بها,, فمراقبة وضبط سوق كسوق قطع الغيار ونوعية بضائعه مهمة شائكة جداً,, لكن لماذا لايستفاد من خبرة الدول الاخرى؟,, ولماذا لا توضع آلية جديدة ومتطورة لمراقبة توازن الاسعار وحركة البيع والشراء؟؟,, ولماذا لايوضع مكتب ميداني في سوق قطع الغيار لتلفي شكاوي المستهلكين ممن لم يوفر لهم التاجر او الوكيل القطعة كما حدث لصاحبنا؟!,. فيا حماية المستهلك الحقي المستهلك فقد (هلكت) دراهمه القليلة,, و(احقني) البقية الباقية منها,, يا اخواننا من الوكلاء وتجار قطع الغيار,, او لنقل يا (بعض) هؤلاء!. انكم تخصصتم في تجارة لا كساد فيها (في الغالب) فسلعها لا تفسد وبضائعها لا تتلف,. ولا عمر افتراضيا لها,, ولاصلاحية محدودة لها,, فالقطعة التي لاتبيعها بعد شهر قد تبيعها بعد خمسة عشر عاما,, ونحن لا نحسدكم,, زادكم الله من فضله ونعيمه,, ولكن ,. اقول لهذا (البعض) اتقوا الله في اموال اخوانكم المواطنين,, ولاتعينوا الاجنبي عليه,, فهذه ال(900) ريال خرجت من (جيب) هذا المواطن المغلوب على امره,, ولو تخيلنا ان دخل (التجوري) منها (400) ريال ارباحا,, فإن (500) وهي رأس مال القطعة ذهبت ل(خزائن) الاجنبي ودعمتم بها مصانع الشرق والغرب,. فلماذا تجعلون الأجنبي يملي عليكم شروطه ورغباته,, فهو في حاجتكم لترويج منتجاته,, ويهمه ان يجد موطىء قدم في اهم اسواق الشرق الاوسط,. ونوجه لكم هذا النداء افتراضا ل(حسن النية) بكم,, اما إذا كان حجب بعض قطع الغيار,, وعدم استيرادها وتضخم اسعارها يوافق رغباتكم ولكم فيه (يد) و (ضلع),, فلا نقول غير حسبنا الله ونعم الوكيل,. في الأثر الشريف رحم الله امرأ سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى او كما قال عليه الصلاة والسلام,. salehalhenaki@ yahoo.com