لم يترك الغش التجاري مجال قطع غيار السيارات يمر من دون أن يستفيد منه، فاستبدل بالقطع الأصلية القطع المقلدة، واستغفل المستهلك بالأغلفة الأصلية، التي تحمل ملصق الشركة الأصلية المنتجة للقطعة. لكن واقع الحال في داخل العلبة يقول غير ذلك، في حين ان المستهلك ربما لا يعلم أنها مقلدة إلا بعد شهور قليلة جداً كما حدث مع خالد الخمعلي، الذي اكتشف أن إحدى القطع التي اشتراها من أحد المحال كانت مقلدة، ويقول:"عندما ذهبت بالقطعة للميكانيكي لم يخبرني بأنها مقلدة، وكتب على غلافها صُنعت في اليابان، وبعد شهر من تركيبها تلفت القطعة... عندها أخبرني أنها مقلدة وأن سعرها لا يتجاوز 20 ريالاً، بينما اشتريتها ب70 ريالاً". ولا تختلف الحال كثيراً مع محمد العتيبي الذي اشترى قطعة غيار لسيارته بعد أن تأكد أنها أصلية بحسب كلام البائع، وبدليل ما هو مكتوب على العلبة، ويؤكد العتيبي أن"البائع حلف لي بأنها أصلية، وحاول إثبات ذلك بما طبع على العلبة، فاطمأننت إليه"، ويضيف"لكنني اكتشفت بعد شهرين أنها تقليد، لأنها لم تتحمل المسافات الطويلة". القطع المقلدة أو التجارية بحسب وصف الباعة تنتشر بشكل لافت في السوق ولها زبائنها، الذين يفضلونها في كثير من الأحيان على القطع الأصلية بسبب كلفتها المتدنية، في حين أنها قد تشكل خطراً على السيارة وقائدها، كما يقول محمد القيسي الذي يعمل بائعاً في أحد محال قطع غيار السيارات. ويقول القيسي:"لا نستغرب عندما يطلب الزبون القطعة التجارية، لرخص ثمنها"، ويعلل القيسي ذلك بأن"المستهلك فقد الثقة في القطعة الأصلية، فربما يشتريها بكلفة عالية وبعد أشهر قليلة يكتشف أنها مقلدة!". ويرى محمد الخالدي أن الثقة معدومة في محال قطع الغيار،"إلا أن يكون المحل التجاري معروف لديك أو لك علاقة بصاحبه"، ويضيف"أشتري قطع غيار سيارتي عن طريق سائقي، فهو على علاقة ببعض الجنسيات ممن يبيعون داخل المحال"، لافتاً إلى أن الخوف من المقلد والمغشوش دفعه إلى الاعتماد على السائق، متسائلاً عن الجهة التي يمكن أن يلجأ إليها إذا ما تعرض للغش في القطع. وتعتبر بعض قطع الغيار البسيطة مثل"البلاتين"و"الرمان"و"السير"و"الصفاية"من أشهر القطع التي ينتشر فيها الغش، إذ أن الأصلي من هذه القطع قليل جداً بحسب قول محمد الغامدي، مشيراً إلى أن تلك القطع يتم تغييرها من حين لآخر في السيارة، وقليل من قائدي السيارات يتنبه لأمرها إن كانت مقلدة أم أصلية. ويعتبر سليم أحد الباعة في وكالة لقطع السيارات أن الغش في قطع الغيار الميكانيكية انتشر أخيراً بشكل لافت، وبدأ يتضح ذلك من خلال ازدياد شكاوى الناس، عندما يأتون للشراء منا، ويقول:"نحرص دائماً على تعليم الزبون كيفية التعرف على القطعة المغشوشة من الأصلية، وهي أشياء بسيطة تحتاج إلى تركيز". ولا يقتصر الغش على القطع الميكانيكية فقط، إذ أن قطعة"السيفون"التي تستخدم في تنقية زيت السيارة، ربما تكون مستخدمة عند تركيبها، كما يؤكد محمد الشمري الذي اكتشف أن"السيفون"الذي ركبه في سيارته عند غيار الزيت لم يكن صالحاً للاستخدام، وبدا ذلك واضحاً عندما كشف عليها الميكانيكي، ويقول الشمري:"لم أتوقع أن يكون السيفون مستخدماً من قبل. لقد شاهدته يخرجه من الكرتون، لكنني لن أثق بهم بعد الآن، فقطعتي سأشتريها بنفسي، ولن أعتمد على العامل في الورشة".