في الوقت الذي بدأت فيه محطات تزويد الوقود بتلقي احتياجاتها من الوقود في العاصمة البريطانية لندن والمدن الاخرى، كانت حركة الاحتجاج ضد ارتفاع ضريبة الوقود تتخذ لها صيغاً مشابهة أو مختلفة نوعاً ما، عبر القارة الاوروبية وفي جمهورية ايرلندا، بل تعدت ذلك الى خطوط الطيران التي رفعت اجور تذاكرها بنسبة 3% لكل من فيرجن و اتلانتك . واذا كانت الحكومة البريطانية قد أدركت الدرس بعد عشرة أيام مذهلة من الاحتجاجات فقد بدأت سلسلة من الاجراءات سواء على صعيد استعادة الحياة الطبيعية التي شلتها حركة الاحتجاج بقطعها طرق امدادات الوقود، أو على صعيد آخر اكثر دلالة للمستقبل، حيث تشكلت لجنة عمل خاصة بقيادة وزير الداخلية البريطاني جاك سترو مهمتها التنسيق مع شركات النفط لتجنب وقوع كارثة مماثلة في المستقبل تنجم من قطع الامدادات وهو محذور مازال قائماً وأكده قادة الحركة الاحتجاجية يوم انهوا اضرابهم. غير ان بعض بلدان القارة الاوروبية لم يتعلم بعد الدرس الذي يوجزه الفلاح البريطاني البسيط منظم حركة الاحتجاج برانيل وليامز والذي يمتلك حقلاً لا يزيد عن بضعة هكتارات يربي فيه قطيعاً من الابقار، اذ يقول بتواضع انه لم يكن قائداً لعموم المحتجين ولكن الذين قاموا بالاحتجاج هم اناس يماثلونني فيما اصابني من ضرر، ففضلاً عما لحق بنا من خسائر بسبب مرض جنون البقر، تأخذ حصة الوقود الجزء الاكبر من ميزانيتنا الشخصية . وبصرف النظر عمّا قاله وليامز تواضعاً فقد تمكن من تحريك شبكة من المحتجين عبر الاتصال بقادة تلك المناطق من خلال التليفون النقال والفاكس واجهزة الراديو مؤكداً انه يعي قوة استخدام التكنولوجيا. وهو نفس الاسلوب الذي استنأفت اوروبا وايرلندا عليه اليوم (ففي ايرلندا، تسببت الحركة والاحتجاجات المطالبة بخفض ضريبة الوقود، وهي تلجأ الى اسلوب اغلاق الشوارع الرئيسية، في قطع الحركة في مدن إيرلندا دبلن، سلايجو، ووترفورد، كورك، ليميرك وكذلك الطريق الرئيسية بين دبلن وبلفاست. وفي اسبانيا تحرك المزارعون وسائقو الشاحنات بالتنسيق مع عمال النقل وفق اسلوب ابطاء حركة النقل في برشلونة مهددين بنقل الحركة الاحتجاجية الى العاصمة مدريد, والى مدينة سيجوفيا حيث سيعقد لقاء قمة بين رئيس وزراء اسبانيا خوسيه ماريا ازنار والمستشار الالماني جيرهارد شرودر . في وقت بدأت فيه بعض المدن الالمانية اضراباتها الاحتجاجية على ارتفاع ضريبة الوقود، إذ تسببت قافلة من الشاحنات في مدينة بريمن في تعطيل حركة السير وسط المدينة, كما وردت انباء عن تحرك المزارعين لسدّ الطرق المؤدية الى مدينة لايبزيج الالمانية ايضاً,اما في هولندا فقد تميزت الحركة الاحتجاجية بالشمولية وغطت معظم انحاء البلاد مسببة تعطل حركة المرور بشكل تام. غير ان بعض الدول الاوروبية ابدى أذناً صاغية وروحاً تفاوضية مع المحتجين مما اسفر عن عودة الحياة الطبيعية في كل من بلجيكا بعد خمسة ايام من الاحتجاجات، وايطاليا التي، استجابت لمطالب المحتجين، وقامت باجراء خفض على مقدار الضريبة موقعة على اتفاقية بهذا الخصوص مع اتحاد سائقي الشاحنات قام بها وزير النقل الايطالي بييرلوجي بيرساني ، تضمنت اجراء خفض بمقدار 120 ليرة ايطالية اي ما يعادل 5 سنتات لكل لتر، وسيطبق ذلك بأثر رجعي منذ الاول من سبتمبر. وعلى صعيد اعادة الحياة في بريطانيا فقد تم تزويد ما يقارب ربع محطات الوقود البالغة 13 الف محطة واعلنت بذلك بعض الشركات النفطية حجم الشحنات المرسلة للمحطات على النحو التالي، توتال فاينا,, اوصلت 455 شحنة بنسبة 40% من محطاتها، أسو أوصلت 600 شحنة بنسبة 33% من مجموع محطاتها، أما تكساكو فقد قامت بايصال 337 شحنة بنسبة 28 بالمائة من مجموعة محطاتها، كما قامت بي بي بايصال 464 شحنة بنسبة 33 بالمائة من محطاتها. وعلى صعيد سياسي، فعلى الرغم من خروج الحكومة بنتيجة تحفظ ماء الوجه، فإنها وكما يرى محللون، ستواجه مستقبلاً عبئاً ثقيلاً في كيفية التصدي للمشكلات الناجمة عن حجم الضرائب في عموم مسيرة الثلاث السنوات، وهو الحذر الذي تحدث عنه وليم هيغ رئيس حزب المحافظين المعارض حيث قال: ربما انتهت الحواجز الآن ولكن حدوث ثورة ضد الضرائب هو امر قد بدأ بالفعل , ولم ينس هيغ أن يستغل هذه الاحداث الى تحقيق مكاسب انتخابية، اذ اشاد بأسلوب المحتجين قائلاًاتسم اسلوب المحتجين بالوعي والشهامة، وهم يتحاشون رد فعل الحكومة الذي كان يستدرجهم للعنف، لقد فوّتوا الفرصة على الحكومة، ولكن حركتهم هي جزء من مظاهرات أكبر ضد كل الضرائب .