فرح الناس واستبشروا بعد إعلان تشكيل الهيئة العامة للغذاء والدواء، كيف لا والهيئة معنية بأمرين رئيسين في غاية الأهمية بالنسبة للإنسان (الغذاء والدواء)، ويرجع الفرح والاستبشار إلى التطلعات والآمال التي ينشدها الناس من هذه الهيئة بصفتها الاعتبارية الرسمية في ضبط واقع سوق الغذاء والدواء، والسيطرة على الممارسات العشوائية التي تحكمها المصالح الخاصة؛ فقبل تشكيل الهيئة لم يكن هناك معايير وضوابط، لم يكن هناك مرجعية مؤهلة تقوم بهذا الدور؛ لهذا كان السوق مرتعاً خصباً لكل مَنْ هبّ ودبّ، يستورد كل ما رخص ثمنه، وزادت عوائده الربحية، دون التفاتة أو اهتمام أو مراعاة للإنسان الذي يتناول ما يتم استيراده من غذاء ودواء. وزاد من درجة الفرح والاستبشار والثقة أن يتسلم قيادة هذه الهيئة فريق علمي سعودي مؤهل متمكن في مجالي الغذاء والدواء, فالهيئة يديرها ويشرف على تسيير أعمالها متخصصون أكفاء ماهرون في مختلف التخصصات، يعضد هذا ويتوجه فلسفة إدارية رائعة تبناها معالي رئيس الهيئة، هذه الفلسفة تقوم على أن المتخصص في مجاله هو رئيس الهيئة، وهو من يجب أن يصغى لقوله، ويؤخذ رأيه، وألا يستأثر بحضور المؤتمرات والندوات العلمية التي تعقد في مجالي الغذاء والدواء سواء في داخل المملكة أو خارجها فئة معينة، فأولوية الحضور للمتخصصين في موضوع المؤتمر أو الندوة، وهذا خلاف ما هو معلوم بالتواتر في جُلّ الإدارات الحكومية؛ حيث يستأثر الرئيس الأول مع مجموعة من المقربين به حضور المؤتمرات، خاصة إذا كانت خارج المملكة، ووصل بالبعض إلى طلب الإذن في تجاوز المدة المحددة نظاماً (ستون ليلة) كلها خارج المملكة. وعلى الرغم من العمر القصير للهيئة إلا أنها حققت جملة من النجاحات، يأتي في مقدمتها التصدي الواثق، والمواجهة الحازمة للمخالفات التي لوحظت في مواصفات بعض الشركات الكبرى التي حققت انتشاراً واسعاً عبر القارات، وسمعة ذات قيمة ووزن، ليس هذا فحسب، بل استطاعت الهيئة أن تضبط الممارسات العشوائية للاستيراد؛ مما أوجب على كل مستورد مراجعة الهيئة وعرض مواصفات المادة التي سوف يستوردها، وخصائص تلك المادة ودرجة جودتها وسلامتها؛ مما قد يعرض حياة المستهلك للضرر. وفي ضوء هذا يتم الحصول على وثيقة تمكِّن صاحب الشأن من الاستيراد، ولم تكتفِ بهذا الإجراء؛ بل قامت الهيئة بربط كل الموانئ بكاميرات مراقبة يتم التحكُّم فيها والإشراف عليها مركزياً في مقر الهيئة. وبالإضافة إلى هذه الجهود الكبيرة المنظمة الموفقة هناك جهود توعوية وتثقيفية ذات قيمة وأهمية وعلاقة مباشرة بشؤون حياة الناس اليومية؛ ففي قطاع الدواء تم اعتماد برنامج تثقيفي دوائي تمثل في إصدار سلسلة من المطويات التثقيفية التي أرى ضرورة أن يطلع عليها الناس ويقرؤوها، ومن هذه المطويات: (ضغط الدم المرتفع وعلاجه) و(المضادات الحيوية.. الطريقة المثلى للاستخدام) و(كبار السن وتعاطي الأدوية) و(الاستخدام الأمثل للدواء) و(كيف أحفظ دوائي) و(المستحضرات العشبية ومخاطر الاستعمال) و(الأدوية وإنقاص الوزن) و(السمنة المفرطة) و(6 نصائح للاستعمال الصحيح للأدوية). وفي قطاع الغذاء تم إصدار سلسلة من المطويات في ضوء شعار (لوعي أفضل بسلامة الغذاء)، منها على سبيل المثال (الخضار والفواكه أغذية مفيدة.. ولكن) و(الأغذية سريعة الفساد) و(المكسرات أغذية مفيدة.. ولكن) و(تحمير الأغذية أو تحميصها الدلالة والأضرار) و(الحساسية الغذائية) و(التسمم الغذائي الميكروبي) و(التعامل مع اللحوم في المطبخ) و(حفظ الأغذية سريعة الفساد). إنَّ الاطلاع على هذه السلاسل التثقيفية يساعد الناس على رفع مستوى الوعي بتجنب مخاطر الغذاء والدواء. ولعل صحيفة الجزيرة، وهي ذات الانتشار الأوسع - أن تنسق مع الهيئة حول نشر هذه السلاسل بصفة دورية، وبهذا تتسع دائرة الاطلاع على هذه السلاسل، وتتحقق الفائدة المرجوة إن شاء الله.