الزميل الأخ محمد بن عبدالرحمن الجحلان (أبو خالد) الذي انتقل إلى رحمة الله صباح يوم الأحد بعد معاناة مع المرض، المرض الذي كان قاسياً.. وقاسياً جداً مع شخص كانت أهم صفاته البساطة والدماثة ومحبة الجميع، فكانت غيبته الطويلة بسبب المرض حزناً للجميع.. ولكل من عرفه.. غاب طويلاً بسبب المرض.. وسيغيب بعد أن اختاره العلي القدير، إلا أنه لن يغيب عن ذاكرة أصدقائه ومحبيه وزملائه من الصحفيين زملاء دربه، ومن تلاميذه وهم كثر من الزميلة جريدة الرياض. والأخ المرحوم من الصحفيين المخضرمين الذين انخرطوا في مهنة الصحافة وهم على طاولة الدراسة من أيام الثانوية العامة وواصل العمل صحفياً وهو في الجامعة، وكان أحد اللاعبين المبرزين في لعبة كرة الطاولة، كان بارعاً في هذه اللعبة، مثلما كان بارعاً كصحفي اكتسب ثقة معلمه تركي السديري، وكان من أهم حلقات من كنا نسميهم بزلفاوية نسبة إلى الزلفي، حيث كان عثمان العمير زعيمهم ومنافسه المرحوم محمد الجحلان وبعدهم سليمان العصيمي. عرفت أبا خالد، قبل أن أعود إلى المملكة حيث كنت أعمل في صحيفة السياسة الكويتية، وعندما كنت أزور الرياض أثناء الإجازات كان أبو خالد يصحبني إلى نادي الهلال حيث كان يؤدي تمارينه في لعبة كرة الطاولة، وبعد أن ينهي تدريبه نواصل سهرتنا في شارع العصارات، حيث كنا نتناول السندويتشات، وكان يرافقني إلى منزل عمي الشيخ صالح الجاسر في دخنة، وبقيت أحرص على قضاء كل أيام إجازتي مع محمد الجحلان رغم أنه في المساء يذهب بي إلى نادي الهلال، وأنا الذي أشجع النصر، وهو محرر فاعل في جريدة الرياض، وأنا الذي أحب جريدة الجزيرة قبل أن أعمل بها بسنوات، لكن أبا خالد كان يضع كل ذلك خلف ظهره لأن صداقته فوق كل اعتبار، وهكذا هو مع كل أصدقائه وبقينا على هذه الحال حتى جاءت دورة الخليج العربية الثالثة التي أقيمت بدولة الكويت وكنت ما زلت أعمل في الكويت في صحيفة السياسة، وكان أبو خالد يحضر للكويت في كل مباراة يلعبها المنتخب السعودي، وقتها كانت الرياض تستعد للانتقال من (المرقب) إلى شارع الخليج العربي (خريص)، ولأن أبو خالد في الكويت كان (ضيفي) في محاولة مني لرد جميله حيث كان هو المضيف في الرياض، فقد كنت لا أتركه، أحضره من المطار وبعد المباراة أوصله إلى المطار، وفي تلك الساعات، أخذ أبو خالد يقنعني بالرجوع إلى المملكة وأنه لا يصح أن أبقى أكثر مما بقيت في الكويت، وأنه يجب أن تستفيد مني الصحافة السعودية.. كلام لم يتوقف حتى بدأت كلماته تؤثر في وبعد أن أظهرت له موافقتي، حضر في مباراة المملكة والكويت حاملاً لي رسالة من (أبو عبدالله) الأستاذ تركي السديري تحمل عرضاً للعمل في جريدة الرياض، وفي أوائل التسعينيات الهجرية، بدأت العمل في جريدة الرياض مساهماً في عملية الانتقال من الأسلوب التقليدي (الزنكغراف وتجميع الحروف) إلى الأسلوب الحديث آنذاك (الأوفست) مقدماً ما كنت أعرفه بحكم عملي في جريدة السياسة، وخمسة عشر يوماً في الكويت لأن الأستاذ أحمد الجارالله رفض السماح لي بإنهاء عملي في الكويت فكان الحل 15 يوماً مراسلاً للسياسة في الرياض و15 يوماً مراسلاً للرياض في الكويت، والعمل في مكاتب الصحيفتين عندما أكون في ذلك البلد، وتلك معادلة أقنع بها (أبو خالد) أبو عبدالله الأستاذ تركي السديري الذي كان يحبه حتى وفاته ويثق به. أستذكر كل هذا وأنسب الفضل في عودتي لبلادي للأخ الحبيب العزيز محمد الجحلان فمن يدري لولا إصراره أين كنت أنا الآن.. رحم الله أبا خالد فقد كان رجل مواقف.. رجلاً طيب القلب، يعيش اللحظة دون زيف ودون تخطيط.. أو كما يفعل الكثيرون الذين يشغلون أنفسهم بالمخططات.. بل كان يعمل لخير الآخرين أكثر من عمله لنفسه.