في ظهيرة أحد الأيام، ذهبت لإحضار ابني من مدرسته الروضة .. لاحظت أنه كان يقبل نحوي بوجه شاحب وبخطى متثاقلة، وما أن استقر داخل السيارة حتى بادرني قائلاً بكلمات طفولية غاضبة ومتأثراً بألعابه الإلكترونية (بكره جب معك مسدس واطلق على أبله (...)). وعندما سألته عن السبب قال (هاوشتني) الأبلة، ثم شرح لي كيف أنها سحبته بقميصه من قبل وبعنف أمام زملائه. وفي الصباح التالي أعلن رفضه التام الذهاب لمدرسته، ولم أنجح في إقناعه بالعدول عن رأيه. يا بني أنا لا أملك مسدساً لكي أطلق رصاصة على معلمتك (بمنطقك الطفولي) ولو ملكته لما فعلت، ولكني أملك ما هو أقوى من الرصاص عند الأمم المتحضرة التي تحترم كرامة الإنسان، أملك عموداً صحفياً أطلق منه كلمات قد توقظ من كانت فيه بقية من حياة. يا بني لو تناولت مسدساً وقتلت كل معلمه لا تقدم لك تعليماً يحترم طفولتك وإنسانيتك، لربما ما وجدت من يقوم بتعليمك إلاّ قليلاً، يا بني أنا لا أدري كيف سيكون حالك عندما تنتقل إلى المرحلة الابتدائية، هل ستطالبني بنصب مشنقة. يا معلماتنا الفضليات كيف أعيد ابني إلى حالته السابقة عندما كان يسبقني إلى السيارة متلهفاً لمدرسته؟.