مرة أخرى أثبتت جامعة الملك سعود أنها تجني ما تستثمره من رؤى وفكر وجهود في سبيل الارتقاء بهذه الجامعة إلى مصاف الجامعات العالمية.. وقد دعمت التصنيفات العالمية هذا التوجه الذي انطلق في الجامعة . منذ حوالي العامين، أي من منذ أن تسلَّم معالي الدكتور عبد الله العثمان إدارة الجامعة.. وكان قد وعد أن تدخل جامعة الملك سعود في برامج جديدة يمكن أن تهيئ لها منافسات متقدمة في التصنيفات العالمية.. وهذا ما تحقق في العام الماضي حيث قفزت جامعة الملك سعود إلى نادي أفضل أربعمائة جامعة في العالم، وهذا ما تأكد أكثر في الأسبوع الماضي عندما تقدَّم ترتيب الجامعة إلى المرتبة 292.. وبهذا تكون الجامعة دخلت من بين أفضل 300 جامعة في العالم.. وهذا يُعد قفزة نوعية على مستوى الجامعات العربية والإسلامية والإفريقية والشرق أوسطية. لقد عاشت جامعة الملك سعود في العامين الماضيين انطلاقة نوعية في كل شيء فيها تقريباً، حيث بدأت ببرامج جديدة مستحدثة من إدارة الجامعة مبنية على أسس علمية ومتوجهة نحو البحث العلمي والارتقاء بالطالب والأستاذ والمخرجات التوظيفية من الجامعة.. كما أن الانفتاح على الجامعات العالمية كان أحد أسباب التعريف بالجامعة وبما تحتويه من إمكانات وبرامج وخبرات عالمية.. وهكذا أطلقت الجامعة برامج الشراكة مع جامعات عالمية ومع باحثين سواء من الفائزين بجوائز نوبل أو غيرهم من الباحثين في مراكز بحثية متقدمة أو مع مؤسسات دولية ووطنية.. كما أن الشراكة مع القطاع الخاص في المملكة شكَّلت سياجاً مهماً وبُعداً عميقاً في المجتمع. إنني أستطيع أن أقول إن مفتاح النجاح الذي حققته جامعة الملك سعود كان متمثلاً في كلمة واحدة هي (الشراكة).. وهذه الكلمة تنطبق على كثير من برامج الجامعة التطويرية، حيث يعتمد مبدأ الشراكة على أساس أن جهات ومؤسسات وشخصيات وطنية ودولية يمكن أن تشترك مع الجامعة بما تحتويه من إمكانيات مادية وبشرية في صناعة النجاح المشترك للجميع: للجامعة ولتلك المؤسسات والشخصيات. وهذا ما تحقق فعلاً.. ولو أخذت على سبيل المثال فقط الشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص في المملكة، فسنجد أنه كان محظوراً - فيما مضى عُرفاً - بناء مثل هذه الشراكات، فلم يكن متاحاً إطلاق أسماء شخصيات اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية على مشروعات أو برامج داخل أي جامعة سعودية، وإن كان موجوداً فعلى استحياء ومع بعض المؤسسات الوطنية وبشكل محدود.. أما اليوم فتوجد شراكات كبيرة مع مؤسسات القطاع الخاص، وعلى سبيل المثال فقد بنت الجامعة شراكات في برامج كراسي البحث مع حوالي سبعين شخصية ومؤسسة وطنية، وهذا يُعد مقياس نجاح كبير حققته الجامعة مع مؤسسات القطاع الخاص مبني على مبدأ الشراكة. ودولياً استطاعت الجامعة أن تبني علاقات بحثية مع عشرات الشخصيات البحثية المتميزة في مجالاتها المتخصصة والمرتبطة بجامعات عالمية وبمراكز أبحاث متقدمة، ومعظمهم من الفائزين بجوائز نوبل أو بجوائز عالمية أخرى.. وهذا أتاح للجامعة شراكة قوية بين باحثين سعوديين في أقسام وكليات الجامعة مع الباحثين الدوليين.. كما أن مبدأ الشراكة استمر على شكل تحالفات مع جامعات وكليات وأقسام عالمية في برامج التعاون الدولي أو التوأمة، مما أتاح فرصة الاستفادة من الخبرات العالمية في إثراء التخصصات العلمية داخل الجامعة. وهناك حقائق مهمة يجب أن ندركها سواء من داخل الجامعة أو خارجها.. فلو لم تجد جامعة الملك سعود -بعد توفيق الله- الدعم المادي والمعنوي من قائد مسيرة التعليم في المملكة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومن ولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز -حفظهما الله- لما وصلت الجامعة إلى ما وصلت إليه.. فقد كانت رؤية القيادة واضحة وهي أن الاستثمار في التعليم هو قاعدة التنمية السعودية الأولى، ويجب أن ننظر إلى دعم التعليم كأساس وكاستثمار حقيقي للأجيال القادمة.. وقد هيأ هذا الدعم المادي مساحة كبيرة لحركة الجامعة التطويرية في مختلف المجالات.. كما شكَّل ذلك حافزاً مهماً أمام المؤسسات الوطنية والشخصيات الاقتصادية في بلادنا لتحذو حذو القيادة التي شاركت في دعم برامج الجامعة في استحداث برامج ومعاهد وكراسي بحثية. وأخيراً فإن أمير الرياض سلمان بن عبدالعزيز وقف ويقف دائماً إلى صف الجامعة، داعماً وموجهاً ومشجعاً لهذه الجامعة الرائدة في بلادنا.. فهو الأب الروحي لها، حيث لم تخط الجامعة أياً من خطواتها التطويرية إلا ووجدت كامل المساندة لها.. فبحكم عمله الإداري أميراً لمنطقة الرياض، وبحكم قربه من الجامعة، فقد أخذ على عاتقه أن يذلل كل الصعاب، ويدعم كل التوجهات التطويرية في الجامعة، ويُوجّه دائماً بما يحقق انطلاقة الجامعة في جهودها نحو الريادة العالمية. المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية - أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود