أوضح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية ان العمل التطوعي والإنساني مبدأ ثابت من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف وهو من الفضائل التي يؤكدها القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، حيث نجد فيهما اهتماما كبيرا بروح المبادرة في الإنسان المؤمن واهتماما بتربية الإنسان المؤمن على الانتماء لدينه ووطنه ومجتمعه. وقال سموه لدى افتتاح ملتقى العمل التطوعي 2009 أمس، الذي تنظمه غرفة الشرقية: إن قائمة الموضوعات والقضايا التي سيبحثها الملتقى ويتحدث فيها المشاركون تعكس مواكبته للطموحات الناجحة التي يتطلع إليها كل العاملين في المجالات الإنسانية والاجتماعية، حيث تناقش موضوعات مهمة تكشف عن أهمية العمل الاجتماعي بشكل عام والعمل التطوعي بشكل خاص، من خلال محاور جادة تسعى إلى تأصيل قضية العمل التطوعي من حيث التصدي لفهم علاقة البيئة القانونية بأداء العمل التطوعي ومدى تأثير الأنظمة واللوائح على الأنشطة التطوعية، وأهميتها لتحفيز المشاركة في العمل التطوعي وانعكاسه على المجتمع اقتصاديا واجتماعيا، ولا ننسى الدور الذي يقوم به ولاة الأمر بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز - حفظهما الله - من جهود في هذا المجال ودعمهما للأعمال الاجتماعية والتطوعية. من جانبه قال وزير الشؤون الاجتماعية د. يوسف بن أحمد العثيمين (إن التطوع بالمال والوقت والجهد والخبرة صفة إنسانية لازمت المجتمعات البشرية عبر العصور، وزكتها جميع الأديان السماوية والأعراف الاجتماعية ونسجت حولها قيم الإعجاب والشهمة والنبل والنقاء والإنسانية، فالتطوع من حيث هو فعل وفكر يمنح الإنسان شعورا عميقا بالراحة النفسية. وأضاف أن العمل التطوعي يعني ببساطة كل جهد أو سعي يبذله أي إنسان بلا مقابل لمجتمعه، بدافع الإسهام في تحمل المسؤوليات الاجتماعية والتطوع بهذا المعنى يمكن أن يشمل كل ما يؤديه الإنسان من أعمال ليست مفروضة عليه يتبرع بها من ذات نفسه، وفي حدود استطاعته.. والعمل التطوعي يعد الوسيلة القادرة على خلق المناخ الاجتماعي الإيجابي، ويؤدي إلى رفع روح المشاركة والانتماء للوطن، وهو بذلك يجسد أحد مظاهر التلاحم الاجتماعي بجميع أبعاده، فهو يعبر عن انسجام أفراد المجتمع مع مجتمعهم، وذلك من خلال حرصهم على مصلحته، وتوفير أمنه واستقراره، وتشكيل منعته وصلابته. واستعرض العثيمين جملة من الحقائق والأرقام عن القطاع التطوعي في بلد كالولايات المتحدةالأمريكية حيث تتوافر الإحصائيات فقد بلغ عدد التنظيمات في القطاع التطوعي قرابة 1.2 مليون مؤسسة تطوعية، ويصل دخل القطاع التطوعي قرابة 664.8 بليون دولار لعام واحد، وتمثلا نسبة الموظفين فيه 7.1% وبلع نسبة من يتطوعون حوالي 55.5% من مجموع السكان.. ولو أسقطنا هذه الصورة البانورامية على مؤسسة بعينها فلنأخذ مثلا مؤسسة الطريق المتحدة التي تعد واحدة من كبريات المؤسسات التطوعية في العالم حيث تضم 1400 فرع على مستوى المدن، وبلغت ميزانيتها في عام 2004 اكثر من 4.4 مليار دولار وهي تبرعات جمعت من المواطنين ورجال الأعمال والبنوك من أجل مساعدة المجمعات المحلية ومعالجة القضايا التي تواجه كل مجتمع على مستوى كل مدينة، ويعمل بهذه المنظمة أكثر من 1.000.00 مليون متطوع. وقال العثيمين ان السعي لإصدار نظام وطني شامل للتطوع، هو أحد اللبنات الأساسية في خدمة العمل التطوعي في المملكة.. ولكن هذا لا يعني عدم وجود مناشط تطوعية منظمة، ومؤسسية بشكل جيد في المملكة، لعل خير ما يمثل ذلك الجمعيات الخيرية، والمؤسسات الخيرية الخاصة، والجمعيات التعاونية، ولجان التنمية المحلية، وهذه يتجاوز عددها اكثر من ألف كيان مؤسسي تطوعي، يعمل من خلاله عشرات الآلاف من المواطنين والمواطنات المخلصين الراغبين في تحمل مسؤولياتهم الاجتماعية تجاه دينهم ووطنهم ومجتمعهم. ويقول معاليه: اتخذت أعمال الخير في المملكة أشكالا كثيرة بدأت بالجهود الفردية في الإطار العائلي والقبلي، ثم تطورت إلى ما عرف بصناديق البر وامتدت بعد ذلك لتشمل المرافق العامة، والخدمات الصحية، والتعليمية والتدريبية، وغير ذلك من أعمال البر لافتاً إلى تضاعف الميزانية المخصصة لدعم هذه الجمعيات التطوعية بأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - قبل عامين لتكون 300 مليون ريال سنويا. وفي ختام كلمته أكد ضرورة تحري الدقة في اصطفاء المتطوعين واستقطابهم، فالنيات الطيبة، وحسن المقصد، ليسا كافيين وحدهما، لكي يكون المتطوع فاعلا، فلا بد من الأخذ بعين الاعتبار عددا من المعايير حين الاستفادة من المتطوعين، ومن ذلك ضرورة أن يظهر المتطوع احترامه للناس، وتقبل فروقهم الفردية، والرغبة في مساعدتهم، وان يتصف المتطوع بالنضج العقلي والانفعالي الذي يمكنه من العمل، حتى لا يضر نفسه ومجتمعه، وسمعة العمل التطوعي بجملته، ولا بد، أيضا، أن يكون لدى المتطوع الكياسة والفطنة، والقدرة على العمل مع الناس بأسلوب شوري تعاوني دون تمييز أو محاباة، وينبغي أن تكون لديه القدرة على تحمل المسؤولية للقيام بالأعمال التي في حدود طاقته، وان يتوافر لديه القدر الكافي من المستوى الثقافي والمعرفي والمهارات الخاصة التي تمكنه من تحمل مسؤولياته التطوعية، وان يكون لديه الاستعداد ليعطي من وقته القدر اللازم للعمل التطوعي، وان يكون لديه المعرفة بموارد المجتمع، وأعرافه الاجتماعية، واخيراً لا بد أن يحتسب الأجر والثواب من المولى - عز وجل -. فيما قال رئيس غرفة الشرقية عبد الرحمن بن راشد الراشد في كلمته: ان تنظيم هذا الملتقى من قبل غرفة الشرقية يعكس رسالةً مهمة نعتزُّ بما تنطوي عليه من معان ودلالات إنسانية واجتماعية، استهدافا لتوسيع مجالات المشاركة المجتمعية، واستحضارا لطاقات وإمكانات أبناء وأهالي المنطقة الشرقية، في مجالات خدمة المجتمع، وأبوابها التي تتسع للعديد من أنشطة العمل الخيري والإنساني.