تعد الجرائم التي تعرضت لها (غزة) من أبشع الجرائم التي عرفتها البشرية، وهي استمرار للممارسات العدوانية التي نهجها الكيان الصهيوني منذ أن استنبتت قوى الظلم بذرته الخبيثة في أرض فلسطين الطاهرة، ودنس شذاذه أرضها المباركة، من العام 1948 وهذا الكيان البغيض يمارس عدوانه يتعمد قتل النساء والأطفال والشيوخ، وهدم المساجد والمنازل والمشافي، وتشريد الآمنين وترويعهم، هذا ديدنه وهذا نهجه، لم يتغير بل ازداد قسوة وشراسة، في الوقت الذي تراجع فيه أصحاب الحق إلى الوراء بسبب الفرقة والتناحر. لقد طويت صفحات مليئة بأبشع الجرائم، من سفك الدماء، وترويع وتجويع وتشريد، ومازالت الصفحات تملأ بأبشع الجرائم مع إشراقة كل يوم، حيث يصبح إخواننا في فلسطين على صورة جديدة من صور البغي والعدوان، فمنذ أن دنس الصهاينة أرض فلسطين وحتى اليوم، والمأساة تتكرر وتتجدد، وأجزم أنه لم يتعرض أحد من بني البشر لمثل ما تعرض ويتعرض له الإخوة في فلسطين عموما وغزة الآن من قتل وتشريد وترويع وانتهاك لحقوقهم الإنسانية والبشرية، والمؤسف أن الذاكرة العربية لم تعد تحتفظ إلا بالقليل من صور القتل والتدمير الكثرة التي ارتكبها الصهاينة بحق الفلسطينيين. إن الصور المأساوية التي تعرضها وسائل الإعلام المرئي صور تقشعر منها الأبدان، وتفزع لها ومنها النفوس، وأخص صور الأطفال والنساء والشيوخ، وصور هدم المساجد والمنازل والمشافي، إنها صور تدل وتؤكد على همجية هؤلاء القوم وقسوتهم، صور تتشكل يوميا من فظائعهم الرهيبة من إبادة جماعية، وقتل للشبان والأطفال، ومنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى، وإخلاء جثامين الشهداء، لقد بلغ عدد الشهداء أكثر من 1315 شهيدا، بينهم أكثر من 1000 طفل وامرأة وشيخ كبير، وبلغ عدد الجرحى أكثر 5340 بينهم (500) جراحهم بالغة الخطورة. المؤسف حقا أن العرب لم يتعظوا بعد من الشواهد اليومية الحية لفظائع الصهاينة، ولم يستوعبوا بعد تاريخهم القذر الذي ينطق غدراً ونقضاً للمواثيق والعهود، ومحادة لله، وتقتيلاً للأنبياء والرسل، ولهذا لا بد من وقفة تقويمية، تراجع فيها الحسابات، وتحدد فيها الاتجاهات، وترصد فيها أوجه استثمار الأحداث، وتوظيف التعاطف العالمي مع القضية، وذلك ببيان أوجه الحق والحقيقة، ولعل من أوجه الاستثمار الآنية لما يحصل في (غزة)، أن تطوى صفحات المهادنة واستجداء السلام، والبدء في توثيق المجازر البشعة التي تعرض لها الإخوة الفلسطينيون من عام 48 وحتى الأحداث الأخيرة، وتوظيفها عبر القنوات الفضائية في تعرية الطبيعة العدوانية القاسية للصهاينة، وأنهم أمة سادية مريضة تتلذذ بسفك الدماء، وتمزيق الأشلاء، واستهداف الأبرياء من الأطفال والنساء، والسعي في خراب الأرض وإهلاك البشر إن ما يحصل في (غزة) تحديدا وفلسطين بوجه عام، يترجم ويؤكد ما أخبر الله به عن قسوة قلوب بني إسرائيل في الآية 74 من سورة البقرة وانطلاقاً مما نعرفه عن يهود في كتاب الله العزيز من محادة لله, وقتل للأنبياء والرسل، وشغف للقتل تغذيه قلوبهم القاسية، ولما رشح من ممارساتهم وفظائعهم الحالية والسابقة، هل من متاجر مع الله؟ يتصدى بجهده وماله لتوثيق جرائمهم المتواترة التي أخبر الله عنها في القرآن الكريم وحتى يومنا هذا، يوثقها كتابة مقروءة، وصورة مرئية، وبلغات مختلفة، حتى يعي المهرولون من بني جلدتنا والعالم كله، حقيقة هؤلاء الشذاذ القتلة، ويعري ممارساتهم العدوانية من خلال مواد إعلامية وثائقية تبث مرئية عبر الفضائيات، ومسموعة من الإذاعات، ومقروءة في الصحف والمنتديات، إنه عمل مبارك أحسبه من الجهاد في سبيل الله، وإنها لفرصة ثمينة للموسرين، وملاك الفضائيات ومؤسسات الإعلام. فهل من مستثمر؟