رحلة الحياة بمحطاتها المتعددة تحيل الإنسان للتعرف إلى حزمة من المواقف فضلاً عن تلك النماذج البشرية التي تلعب دورها على مسرح الواقع، إنها كتاب مفتوح من المشاهد والصور والمعارف .. والإنسان في خياراته وتقديراته الذاتية ينجذب دوماً إلى تلكم الفئات التي تمنح الحياة طعمها الخاص ووهجها وتضفي عليها أبعاداً جديدة من معاني الألق والجاذبية المؤثرة.. تقودني هذه المقدمة إلى التماهي مع خصائص متفردة لشخصية منحت الحياة في جانبها الإنساني بعض أجمل ملامحها، ومرَّرت صعوبات الواقع اليومي إلى مرشحات الأمل، وممكنات التغيير والتآلف مع الغد الآتي .. وعلى هذا النحو من طريقة التفكير أسهمت صاحبة السمو الملكي الأميرة سماهر بنت تركي بن عبدالعزيز آل سعود بحضورها الإنساني الفائق على تحرير بياض اللحظة من سطوة العتمة وأحالتها إلى فضاء فسيح من شراكة الفرح وإلى مشهد استثناني لتواصل الناس على تنوعهم وتمايزهم لصناعة واقع يراهن دوماً على الائتلاف لا الاختلاف، على الاستئثار بتلكم المشاعر التي تقوّي تشبثنا بفكرة الانتصار على الإحساسات السلبية بما يجعل الأمل مشروعاً مستحقا ضمن أجندتنا اليومية.. ولذا كان الاتساق بين أفكار الأميرة سماهر بنت تركي ودأبها على ترجمتها إلى حزمة من التطبيقات الفاعلة فكان حضورها المميز في محاور متعددة من الحياة اليومية .. في تنشيط الدعم لشرائح الطلاب من أبناء الوطن الغالي إيماناً منها بذلك الدور المتوقع للأذهان في ترقية نجاحات صارت معالم يومية في أداء الوطن اقتصادياً واجتماعياً، وإسهامات سموها في هذا الجانب يستهدف ما وراء الدعم المجرد إذ ليس أسهل من أن تغدق من أموالك ولكن وعيها يتعدى ذلك إلى التواصل اليومي معهم لاستجلاء كيفيات تطوير العطاء الأكاديمي بما يحوله إلى منتج من النجاحات الدائمة لذا فإنها تكمل جانباً مهماً جداً من تلكم الرعاية بكثير من النصائح والأفكار الحيوية التي تسديها لهم. إن مواصلة نجاحات الحياة لا تتحقق ضمن شروط الألم المقيم في الأجساد ولهذا وجَّهت سموها الكثير من جهدها لتلبية احتياجات الناس الدوائية والعلاجية بما عبَّرت عنه دوماً من أن الإحساس المنعكس بالامتنان الذي تجده في وجه مريض وجد دواءً أو علاجاً لا يعادله أي إحساس آخر في الوجود. وتواصلها مع الكثير من الفعاليات الأدبية والمشاركات الاجتماعية والملتقيات الإنسانية يعكس وعياً خاصاً لديها بالتفاعل فقط مع الوجود الذي يلبي تصوراتها ويترجم أفكارها بما يجعل مشاركة سموها تعزيزاً لبرنامجها الإنساني في ضرورات بناء الذات بما يجعل الأجيال تتحمل مسؤوليتها نحو استنهاض طاقتها لمواكبة الكثير من التحديات التي تحيط بنا، ولذا امتدت إسهامات سموها إلى العناية حتى بالمتفوقين من الطلاب العرب والمسلمين وتلك هي يوميات رسالتها الإنسانية التي آثرت أن تطلقها في توفير ممكنات الإبداع ضمن استحقاقات الواقع. إن هذا التفاعل اليومي لسمو الأميرة سماهر بنت تركي مع مفردات الحياة اليومية بضرورة اكتشاف جوانبها الإيجابية عن طريق استلهام أكثر الأفكار خصوبة وتحويلها إلى قيمة حيوية أحالها إلى التركيز على زوايا أخرى من المشاركات امتدت حتى للعناية بالبيئة وهي الفكرة التي تلقى اهتماماً متزايداً في عالم اليوم، لذا فلا نستغرب رعايتها لبعض المحميات الطبيعية في ترجمة عملية لاستيعاب قضايا الحياة المعاصرة وتحولاتها. إن معرفتي الشخصية بأنشطة سمو الأميرة سماهر وإحاطتي بكثير من مواقفها البيضاء التي آثرت ألا تُعرف، يحيلني دوماً إلى الربط بين مقوماتها الشخصية وبُعدها الإنساني وتأثيرها الإيجابي على صعيد الحياة العامة وبين مستويات التربية والتنشئة والرعاية الوافية التي حصلت عليها من والدين كريمين سمو الأمير تركي بن عبدالعزيز وسمو الأميرة هند الفاسي اللذين أتاحا لها فرصاً مهمة للإحاطة بكثير من المفاهيم الحياتية وأساليب التعرف إلى الناس وقراءة وفهم سلوكياتهم، فضلاً عن الأخذ من ينابيع مدرسة الأسرة الكريمة في صور العطاء الإنساني المستمر ومنطلقاتها المعروفة في الحفاظ على الشمائل العربية الأصيلة والقيم الإسلامية النبيلة بما جعلها موقع حب الناس واهتمامهم الكبير. فتحيةً لوطن أنجب إنسانة بهذه الخصائص الفذة .. لا غرو فعبدالعزيز بن عبدالرحمن جدها وتركي بن عبدالعزيز والدها.. عبدالله بن صالح بن هران آل سالم