قال خطيب المسجد: إن الأعاصير بدأت تضرب أمريكا بعد أحداث سبتمبر وغزو أفغانستان والعراق، وأن هذا عقاب من الله وإنذار لها. يبدو أن هذا الخطيب لم يعلم بأعاصير أمريكا إلا بعد أحداث سبتمبر، خصوصاً مع تطور الإعلام العربي عموماً والفضائي خاصة ومتابعته الحية للأحداث الأمريكية. ويبدو أن شيخنا لم يكلف نفسه بالاطلاع على تاريخ أمريكا مع الأعاصير ليعرف أنها ظواهر مزمنة، وليست وليدة السنوات الأخيرة. تفسير الظواهر الكونية عقائدياً وربطها بالأحداث السياسية والتطورات الاجتماعية والتاريخية ليست جديدة. فقد دأب العلماء في جميع الأديان إلى فرض القناعات الفكرية والسياسية والآداب الدينية والأخلاقية على الشعوب من خلال ربطها بالإرادة الإلهية. وهكذا فالمجاعة والفقر وشح الأمطار وحتى الحروب وظلم الحكام هو نتيجة حتمية لخطايا المجتمع كما يقدرها ويراها الكهان باعتبارهم الوسيط بين الرب وخلقه، ينقلون لا أوامره ونواهيه فحسب، ولكن يفسرون أقدراه على العباد. ولا اختلف هنا مع القناعة بأن الله سبحانه وتعالى قد يعاقبنا على ذنوبنا في الدنيا فردياً وجماعياً بالمصائب التي تجري علينا. ولكن التجاوز هو أن نربط قدرا معينا، كالمرض والموت والزلازل والأعاصير بأخطاء وذنوب معينة، فالله سبحانه وتعالى وحده العالم بحكمة تدبيره، وليس من حق مخلوق أن يتألى عليه بتفسير أقداره. وعليه فقد لا يكون حريق البيت نتيجة لوجود تلفاز فيه، وانقلاب السيارة وموت من فيها عقابا على سماع الموسيقى فيها، وغرق الناقلة أو سقوط الطائرة بسبب أنها جاءت من بلد مسخوط أو بحمولة مسخوطة. ليس لأن هذا ليس ممكنا، ولكن ببساطة لأننا لا ندري. ولأن الله جل وعلا لم يعطنا الحق في أن نفسر قدره، ولم يوكلنا لنبلغ الناس أسبابه. كما أن المصائب قد تنال المؤمنين امتحانا لإيمانهم وصبرهم وتطهيرا لهم وزيادة في أجرهم، وليس بالضرورة عقابا لهم. وقد تنال أعداء الله النعم إملاء لهم. فما أدرانا لكي نقرر ما إذا كانت النعمة أو المصيبة لهذه أو تلك. للنصح الناس، ولنخوفهم من غضب الله وسخطه ونقمته، ونؤملهم بالقدر نفسه في رحمته وكرمه وغفرانه. ولكن لا ننسب أي حدث أو نربط أي واقعة بما نحسبه غضب أو رضا. فالله وحده أعلم. [email protected]