كلُّ أمر للإنسان مستحدث على الأرض مؤرّخ زمنه... مما يكتشف أو يبتكر أو يصنع... فكلُّ منجز بشري منبثق عن هذا يسجل تأريخ إنجازه... وتفاصيل الرحلة إليه... ذلك شأن الإنسان الذي بسط الله تعالى له الأرض... وهيّأها لكلِّ حاجة له ... بكلِّ ما أتاح لقدراته الموهوبة فيه عند خلقه لأن تستخدمه من مكوّنات الحياة والأرض وما حوله من صنع الله تعالى... وتسخره لهذه الحاجات... لذا كان ولا يزال... وسيستمر بناء الأرض... وتسارع منجزات الإنسان فيها ...ولهذا يسند العمل فيها لصاحبه... ويوثق بتاريخ صنعه ...ويحمل اسمه ويوسم بقدرته... والأمر منذ بدئه وحتى منتهاه... هو لله تعالى الذي لم يعط الإنسان إلاّ بقدر... فالإنسان لم يشهد خلق الله لكونه العظيم ... ولا لما فيه من الكائنات والمكوّنات ...فهذا الإنسان هو جزءٌ من أسرار عظمة الله... منحه العقل سلطاناً... وزاد في تمكينه بالإدراك والتفكير ... ثم بسط له سلطاناً لهذا العقل كي يمكنه من النفاذ لفضاءات الله تعالى... وأقطار سماواته وأرضه... وجعل هذا السلطان الأوسع هو العلم... لذا فكلُّ ما هو للإنسان ومنه محدود الزمن طالت به السنون أو قصرت... بلغ به مدى ...أو أدرك به منجزاً... يبقى هذا الإنسان محاصراً بقدراته البشرية التي هي مدار صنيعه... وما ينتج تفكيره ....وما يعطي عقله ... لتكون الحياة من حوله مهيّأة لأن تأتي بعدها خاتمة أبدية مرضية... أفلا يتفكّر الإنسان بعد ذلك في هذا الزمن بين مبتدأ أمره ...ومنتهاه ...؟ ...فلا يأخذه في نفسه غرور.. ولا تذهب به جهالته إلى عمى ؟...