البعيدون الذين نحبهم يحضرون لا يغيبون, وحين نتفقدهم نجدهم معنا موجودين.. كذلك تكون منجزاتهم..حاضرة ناطقة..حين يغادرون..! وهم كثر على مدى تأريخ البشر فوق الأرض.., منذ عيش الغاب , وإلى الامتزاج بما في الأبعاد..! لا يقصيهم لون ,ولا لسان ,ولا زمان ,ولا مكان..! هم أبطال الحياة..قادة مواكب التفكير والتجريب والابتكار والإنجاز والحياة من ثم.. لكن لما يخصهم الإنسان بالمحبة حين تكون تعبيرا عن المتنان...؟ ربما لأن محبة المنجزين ,الفاعلين ,التاركين بصماتهم في حياة الناس فرادى, وجماعات, تكمن في الوعي بهذه الأفعال التي يتركونها.. إذ حين ينام الفرد يحمد لمن أعد له الوسادة ليحلم.. وحين يستيقظ يثني على من صنع له الساعة لينهض..!! وحين يكتسي يمتن لمن حاك رداءه ليستتر.., والحذاء ليرتدي, ومن ثم لمن حرث وحصد ليأكل, وحفر واستقى ليشرب..! ولمن صنع عربته, ومهد طريقه, ولمن ابتكر المصباح يحتذي به جادة الطريق ليلا.., ولمن بحث وقارن, ومزج واستخلص , فجعل بين يدي سقمه دواءه , وعند شكوى من دائه شفاءه .., ومن صور له الحياة في سرد , وغار معه في تفاصيلها إلهاما, ومن وظف له الحرف مجدافا, والفكر بحرا..!! ليتحلو له الحياة مادة ..,وفكرا, ومعاشا..! إن محبة المنجزين تقدير لما يفعلون.., وهم إن غابوا لا يغيبون, بل ينطقون بحياة الناس صوتا في أفعالهم , وحضورا في آثارهم.. وهذه المحبة مشوبة بكثير من الاعتزاز بصنيعهم, .. ولها قيمة لا تنفصل عن قوام قيم الحياة التي يؤمن بها الإنسان ويقدرها نعمة من نعم الله عليه وعلى البشرية كلها.. لذا حين يبقى الصانع المنجِزُ تنطق به حركة التفاعل .., وأداة المعاش, ووسيلته, فتكون أنت سعيدا تمارس الحياة براحة.. إنهم قد علمهم صنعتهم , وهداهم لمنجزهم من يتفضل بنعمه على خلقه, فأول دلائل نعمه العظيمة هذا العقل البشري فيهم ..بوتقة كل منجز قدموه لك لتبقى معهم وبهم في امتداد.. هؤلاء المنجزون بشتى أنواعهم وفيهم الكتاب, والرسامون , والباحثون, والصناع,والمكتشفون, والمؤرخون ,والأطباء, والفيزيائيون , والطبيعيون, والجغرافيون, وغيرهم ,جميعهم المضيفون للحياة جديدا , المطورون كل ما يفيد البشرية لهم المكانة الأولى من المحبة.., لأنهم يرافقون البشرية بما يسعدها , ويعيشون معها في أي لون,ونمط, وشكل من عطاءاتهم.. هؤلاء باقون حاضرون لا تغيب أصواتهم حين تكون منجزاتهم لك, وتكون أفعالهم هي هم أنفسهم.., !! فكل فعل يأخذ لونه ,وشكله, ويصنع أثره ,ويختار موقعه من ذاكرة عقل, وقلب البشر بصاحبه..الذي من فكر, وتمعن ,وتأمل ,ومن ثم نفذ, وأنجز..!! هؤلاء يحتاجون لتعريف الناشئة بهم في شتى مجالات المنجزات التي مهدت, وعمرت للبشرية دروب التطور, ومنحتها السعادة.., ليرافقوا نبض فكرهم, وإضاءة دربهم , وخفق حسهم.. علهم يحتذون بهم...!!