ما أردنا توضيحه في البحث الذي شمل الحلقات الماضية التي تواصلت طوال الأسبوع في هذا الحيز عن دعوى انتشار التشيع في المنطقة العربية، والذي حرصت أن ينشر كل يوم تحت عنوان منفصل لأنه يعالج حالة بذاتها، إلا أن السياق العام أو المحور الأساسي للبحث هو اختلاف أهداف العاملين على نشر التشيع في البلدان العربية والإفريقية عن أهداف الدعوات المذهبية التي يقوم بها الدعاة، وبين الجهد الذي تقوم به الأجهزة الرسمية الإيرانية سواء العاملة ضمن السفارات، أو ضمن أجهزة الدولة، أو الأجهزة الاستخبارية التي أنشأت داخلها فروعاً لترويج ونشر التشيع السياسي، وهو ما أثار انتباه وتحسس الجهات العربية والإفريقية، وأوجد نوعاً من القلق تخوفاً من إحداث فتنة طائفية بين أهل السنة والشيعة، فالمعروف أن أكثرية العرب والمسلمين الأفارقة من أهل السنة، وهناك شبه اتفاق وعرف ألا يسعى أهل السنة إلى تغيير مذهب الشيعة المقيمين بين ظهرانيهم ولا يحاولون أن يقوموا بأي عمل تجاه الشيعة داخل إيران، رغم أن كثيراً من أهل السنة يعيشون هناك، وبخاصة الأكراد الإيرانيون وبلوش إيران، والتركمان الذين يطلق عليهم أذرى إيران. ولهذا ومع التزام دعاة أهل السنة بعدم القيام بأي عمل لنشر مذاهب أهل السنة بين الشيعة فإنهم مستاؤون جداً مما يبذل من جهود لنشر التشيع الذي يهدف إلى تحقيق أهداف سياسية خدمة لنظام هدفه توسيع دائرة نفوذه وإقامة كيان سياسي طائفي، وهذا بدوره سيؤدي إلى انشقاق وشرخ كبير بين المذاهب الإسلامية، ويتخوف المخلصون من أبناء الأمة الإسلامية في هذا الاتجاه الذي يسير عليه النظام الإيراني بتوظيف المذهب الشيعي الجعفري، واعتماد ما يسمى بنظرية ولاية الفقيه، وتوجيه المذهب الشيعي توجيها سياسياً خدمة لمصالح قطرية، إذ إن استغلال الدين والمذهب سيحدث شقاقاً وتباعداً بين أبناء الأمة الإسلامية؛ حيث سيدفع هذا العمل والجهود المبذولة لنشر مذهب معين خدمة لأهداف سياسية أتباع المذاهب الأخرى للقيام بعمل مشابه؛ مما سيؤدي إلى تفريغ المذاهب الإسلامية من قدسيتها وتوظيفها لخدمة أغراض سياسية دنيوية مما يجعلها محل خلاف، بل صراع وحروب متصلة ستضعف الأمة الإسلامية أكثر مما هي عليه الآن. [email protected]