تأملوا معي حال أمتنا العربية والإسلامية إنها لا تسر أبداً..! لقد شغلت نفسها بالجدال الذي لا جدوى من ورائه.. الأمم تعمل وتنجز وتبدع وأمتنا -أحياناً- في جدالها تتخاصم و(تتهاوش). لقد أكثرت الأمة الجدال مع نفسها ومع غيرها وكانت النتيجة.. المزيد من الهزائم والتخلف.. والقليل من الانتصارات والتقدم.. إنني دائماً أتذكر كلمة الأوزاعي العظيمة: (إذا أراد الله بأمة شراً منحها الجدل وحرمها العمل). وهذا واقع أمتنا المعاصر.. جدال في الإذاعات.. والندوات والفضائيات والصحف والمجلات.. إنهم يدورون كما تدور الرحى حول ذات القضايا.. وذات المشكلات دون الوصول إلى حلول أو خروج من نفق هذه الحوارات المظلم المسدود..! بل أحياناً يتحول هذا الجدال -بكل أسف- من الحوار بالسطور إلى الحوار بالساطور - كما يقول أحد كتابها-! ويا لبئس ذلك الحوار.. ويا لبئس أمة لا تعرف حتى كيف تدير حواراتها بالكلمة، وبالحوار الحضاري. لقد وصلنا بجدالاتنا إلى عنان الفضاء - تبارك الله- وغيرنا وصل إلى الفضاء بأقماره وعلمه وتوظيف هذا الفضاء في سبيل تقدم شعوبه.. *** بلورة ثقافتنا و(الحصاد الثقافي التلفزيوني) ** منظومتنا الثقافية التي تعددت مفرداتها سواء المنبرية أو المطبوعة أو الفنية لا تزال تحتاج إلى المزيد من بلورتها وطرحها أمام الآخر القريب والبعيد لتصحيح الصورة النمطية التي تتأبطها بعض الرؤى بما فيها رؤية بعض الأشقاء من الأدباء والمثقفين العرب. إن هذا الوطن كما له حضوره الاقتصادي والسياسي فإن له -بحمد الله- عطاؤه الثقافي الذي يجعلنا قادرين على الإسهام والمشاركة وليس مجرد الأخذ والتلقي. لذا كم نتطلع أن تتصدى وسائلنا الإعلامية لإبراز منجزنا الثقافي وبلورته أمام الآخرين. أزعم أن على التلفزيون رسالة كبيرة تجاه هذا الهدف النبيل. لقد كنت طالبت ذات مقال في إطار خطوات التلفزيون التطويرية بتقديم نشرة ثقافية يومية عن نشاطنا الثقافي اليومي تماماً مثل الأنشطة الرياضية و(ما فيه حدا أحسن من حد)، وأرجو ألا تكون الثقافة لا بواكي لها. حالياً هناك برنامج (الحصاد الثقافي) الأسبوعي الذي تقدمه القناة الأولى لكن لاحظت من رؤية عدة حلقات -تهيأت لي الظروف والوقت لمشاهدتها- أن تغطية ومتابعة حراكنا الثقافي دون الأمل المطلوب من ناحية القدرة على طرحها بأسلوب مشوق وليس بطريقة نمطية، كما أن هذه المناشط الثقافية ليست بالرياض أو جدة فقط بل - بحمد الله- هي بمختلف مناطق بلادنا، ومن ناحية ثالثة لمست عدم اهتمام البرنامج بالمناشط الثقافية الأهلية التي تقدمها الصوالين الثقافية الخاصة، ولعل من أسباب ذلك أنه برنامج أسبوعي من جانب ومن جانب آخر فإنه يحتاج إلى أن يكون المعدون له والقائمون عليه على قدر من الخبرة الثقافية، والتواصل الأدبي إلى جانب أن يكون لديهم عناية ومتابعة للشأن الثقافي من خلال كونهم مهمومين بالخطاب الثقافي والأدبي. *** تلويحة ** أجمل الأشياء أن تجد إنساناً يحبك وتحبه. يحبك حباً نقياً صادقاً بعيداً عن بهارج المادة، ومصالح الحياة، والأجمل من هذا أنك عندما تنأى عن هذا الحب يكون حلماً تنتظره وشوقاً تسكن اللهفة وجدانك من أجل معانقة عينيه، والعودة إليه، والنهل من حنان صوته، ودفء قلبه. وما أقسى الوداع لكن العزاء في قول الشاعر: ولو عرف الناس التلاقي وحسنهُ لحُبِّبَ من أجل التلاقي التفرقُ *** آخر مرفأ ** للشاعر فاروق جويدة: (أماه يا أماه ما أحوج القلب الرقيق لدعوة كم كانت الدعوات تمنحني الأمان! قد صرت يا كل الحنان رجلاً عزيزاً ذا مكان لكنني ما عدت أشعر أنني إنسان!). فاكس: 014565576 الرياض 11499 - ص.ب 40104 [email protected]