حقق مانشستر يونايتد بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز (البراميرشب) بعد الفوز يوم الأحد الماضي على فريق ويجان بهدفين نظيفين في الجولة الأخيرة من البطولة.. سجل الهدف الأول كريسيتانو رونالد من ضربة جزاء، وأضاف الهدف الثاني رايان جيجز.. الجدير بالذكر أن رونالدو رفع رصيده التهديفي ل31 هدفاً معادلاً بذلك الرقم القياسي المسجل باسم الهداف الإنجليزي ألن شيرر.. فيما عادل جيجز عدد المباريات (758 مباراة) التي لعبها أسطورة المان يونايتد بوبي تشارلتون.. قدم كريستيانو رونالدو لاعب منتخب البرتغال والنجم الأول في البراميرشب هذا الموسم مستويات فنية عالية.. هذا التألق طوال فترات الموسم يدفع الإعلام للعودة والحديث عن مسيرة هذا النجم منذُ نشأته وتألقه في بطولة العالم للشباب وانتقاله للشياطين الحمر. نشأته وبدايته ولد كريستيانو رونالدو دوس سانتوس افيريو في الخامس من فبراير 1985م في جزيرة ماديرا بالبرتغال.. في أسرة صغيرة مكونة من والدته ماريا دولوريس ووالده خوسيه دينيس (المتوفي في سبتمبر 2005م).. رونالدو هو آخر العنقود في أسرته (أخيه هوجو، وأختيه ايلما وليليانا التي تعمل كمغنية في أحد المسارح).. اسم رونالدو نادر جداً في البرتغال.. أسماه والده بذلك نتيجة إعجابه الشديد بالرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان.. وبدأ الطفل الصغير بركل الكرة في سن الثالثة واتضحت عليه ملامح الشغف الكبير بكرة القدم منذُ أن التحق بالمدرسة في السادسة من عمره.. فريقه المفضل بنفيكا.. وفي عام 1995م بلغ كريستيانو سن العاشرة وسمعته كلاعب بين البراعم الصغار انتشرت على نحو واسع داخل البرتغال.. والده سجله في نادي للهواة يدعى اندورينها وبعد تألقه الملفت للأنظار تنافس أكبر ناديين للمحترفين (سي إس مارتيمو، و ناسيونال) في جزيرة ماديرا للفوز بتوقيعه.. لكن مارتيمو (الفريق الأكبر في الجزيرة) فوت فرصة الحصول على توقيعه عندما تغيب مسؤول التعاقدات في النادي عن الاجتماع المقرر بينه وبين وكيل أعمال رونالدو ووالده خوسيه.. مما دفع باللاعب ووالده للتوقيع للنادي المنافس (ناسيونال).. تحقيقه لثلاث بطولات مع ناسيونال على مستوى الفئات السنية دفع الفريق الكبير سبورتينغ ليشبونة للتوقيع مع رونالدو مقابل مبلغ غير معلن. انتقاله لسبورتينغ لشبونة انتقل رونالدو للعب في لشبونة وهو لازال في الرابعة عشر من عمره وواجه صعوبات كثيرة لعل أبرزها هي لهجته المختلفة عن لهجة لشبونة (لهجة جزيرة ماديرا) حيث كان زملاؤه يسخرون كثيراً من طريقة حديثه.. ولا شك أن ضعف بنيته الجسمانية وقتها سبب له العديد من الصعوبات مع لاعبين يفوقونه في العمر بسنة وسنتين.. يعتبر كريستيانو رونالدو هو اللاعب الوحيد في تاريخ النادي العريق (سبورتينغ لشبونة) الذي لعب في جميع فئاته السنية (فئة الناشئين تحت 16 سنة - فئة الشباب تحت 18 سنة - الفريق الثاني - الفريق الأول).. سجل رونالدو في أول ظهور له هدفين في مرمى نادي موريرينس.. وهذا بحد ذاته يعكس للمطلع على مسيرة هذا النجم مدى التألق الذي كان عليه في بداياته الكروية.. ومثل كل اللاعبين المحترفين في العالم (وبالأخص النجوم الكبار في الأندية الكبيرة عالمياً) كانت بطولات العالم للفئات السنية هي البوابة التي أخرجت رونالدو ليكون مطلباً ملحاً لليفربول ومانشستر يونايتد الإنجليزيين وميلان واليوفنتوس الإيطاليين وبرشلونة الأسباني.. بروز رونالدو في بطولة أوروبا تحت 17 سنة دفع السير أليكس فيرغسون (مدرب مانشستر يونايتد) لطلب التعاقد مع كريستيانو رونالدو من قبل مسؤولي النادي الإنجليزي.. لكن المبلغ الكبير الذي فرضه النادي البرتغالي كسعر للنجم المتألق أوقف اندفاع جميع الأندية الكبيرة للتعاقد معه خصوصاً وأنه لا يزال في سن السادسة عشر ولا يمتلك أي خبرات احترافية تؤهله للعب في الكالتشيو السريع (المليء بالجمل التكتيكية) أوالبراميرشب القوي أوالليجا المليء بالأضواء.. كانت تلك وجهة نظر غالبية المراقبين والمتابعين للاعب.. لكن رونالدو واصل خطواته الملفته للأنظار التي بدأ بها كبيراً منذُ أن كان طفلاً صغيراً.. ففي صيف العام 2003م خاض سبورتينغ لشبونة العديد من المباريات الودية مثل أغلب الفرق الأوروبية.. وتألق رونالدو في بشكل مثير خصوصاً في المباراة التي فاز فيها لشبونة على مانشستر يونايتد بنتيجة تاريخية قوامها ثلاثة أهداف لهدف.. ركضه السريع في الجهة اليمنى والجهة اليسرى ووسط الملعب وتحكمه المميز بالكرة وتسديداته القوية بكلتا القدمين دفعت لاعبي المان يونايتد من دعم الرغبة الكبيرة لمدربهم فيرغسون لضم كريستيانو لفريقهم. انتقالة للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز مسؤولو التعاقدات في النادي الإنجليزي (النادي الأغنى عالمياً) رضخوا لرغبة فيرغسون ولاعبيه.. ولكن بشرط بيع اللاعب ديفيد بيكهام نجم الفريق الأول وقائد المنتخب الإنجليزي لفريق ريال مدريد خصوصاً وأن عرض الريال كان مغرياً للغاية.. وبالفعل تم بيع بيكهام والتعاقد مع كريستيانو مقابل ما يقارب الأثني عشر مليون ونصف المليون جنيه استرليني.. تسلم رونالدو القميص رقم سبعة في تشكيلة الشياطين الحمر وهو لا زال في سن الثامنة عشرة فقط.. القميص رقم سبعة الذي دائماً ما يكون من نصيب اللاعب الأول في مانشستر يونايتد ( جورج بيست، براين روبسون، ايريك كانتونا، ديفيد بيكهام، وحالياً كريستيانو رونالدو).. رفض رونالدو في البداية الرقم 7 خوفاً من الضغوطات التي تتبع نجومية هذا الرقم من قبل الجماهير.. وطلب القميص رقم 28 وهو الرقم الذي تألق به في صفوف لشبونة.. لكن السير أليكس فيرغسون قال لا، ستلبس القميص رقم سبعة وستكون أحد أساطير الشياطين الحمر وسنساعدك في تخطي كل الضغوطات والعقبات لأننا نعمل كفريق واحد.. رونالدو تقبل كلمات مدربه بصدر رحب، وقال إنه سيقدم كل ما في وسعه لتشريف هذا الرقم الأسطوري في تشيكلة الفريق. بدايته مع المان يونايتد ظهوره الأول في الدوري الإنجليزي كان ضد نادي بولتون في اللقاء الذي كسبه مانشستر يونايتد بنتيجة كبيرة قوامها أربعة أهداف دون رد عندما كان لاعباً في دكة الاحتياط .. ونزل بديلاً للمشاركة لأول مرة في الدقيقة ستين من عمر المباراة.. كما إنه تمكن من تسجيل الهدف رقم ألف لفريقه في مشاركاته في الدوري الإنجليزي الممتاز ضد نادي ميدلزبره موسم 2004-2005م وأنهى موسمه الأول وفي رصيده ثمانية أهداف (وهو رصيد جيد للاعب وسط يلعب موسمه الأول في دوري محترف يصعب البروز فيه دون التسلح بعامل الخبرة واللياقة البدنية العالية).. كما أنه حصل على جائزة الفيفا لأفضل لاعب واعد في العالم عام 2005م.. واصل رونالدو إبداعه في الموسم التالي وسجل هدفاً في نهائي كأس كارلنج ضد نادي ويجان في ملعب الألفية في كاردف في 26 فبراير 2006م.. كما أنه شكل ثنائياً رائعاً مع الهداف الهولندي رود فان نيستلروي.. ونظير هذا التألق مدد مانشستر يونايتد عقد رونالدو حتى نهاية العام 2010م ورفع راتبه حتى يمنع الأندية الأخرى من الدخول لمفاوضته وإغرائه بالانتقال.. هذا التجديد دفع النجم البرتغالي لأن يكون لاعب الشهر في البراميرشب لشهرين متتاليين ( نوفمبر وديسمبر 2006م).. وهو ثالث لاعب في التاريخ يحقق ذلك بعدما سبقه الهولندي دينيس بيركامب لاعب أرسنال عام 1997م وروبي فاولر لاعب ليفربول عام 1996م.. وتمكن رونالدو من تسجيل ستة أهداف في ثلاث مباريات متتالية ليصبح رصيده التهديفي 12 هدفاً وهو ما قربه لكسب الرهان مع مدربه فيرغسون حيث تراهن الطرفان على الرقم خمسة عشر والذي اقترب من تحقيقه بشكل كبير.. هذا التألق لم يتوقف بل وصل للقاء الديربي الكبير بين مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي حيث سجل كريستيانو الهدف رقم خمسين في مسيرته مع الشياطين الحمر في جميع المباريات التي لعبها.. مما ساهم بشكل فعّال في الفوز ببطولة الدوري للمرة الأولى له مع الفريق ومدربه فيرغسون. مشاركته في كأس العالم وتصريحاته النارية في صيف العام 2006م شارك رونالدو مع منتخب بلاده في بطولة كأس العالم في ألمانيا وقدم مستويات فنية هائلة تحت قيادة المدرب البرازيلي سكولاري.. لكنه لم يتمكن من تحقيق اللقب الصعب نظراً لتواجد أبطال اللعبة المعتادين (البرازيل والأرجنيتن وإيطاليا وألمانيا)..ودع كريستيانو كأس العالم بالدموع.. وعاد لفريقه مانشستر يونايتد بعد المشكلة الكبيرة التي حدثت بينه وبين روني (صديقه في الفريق) حيث بعد فوز المنتخب البرتغالي في كأس العالم على المنتخب الإنجليزي أطلق رونالدو تصريحات نارية وصف بها أن الكرة الإنجليزية لا تمتلك شيئاً لتقدمه وأن اللاعبين الأجانب هم من رفعوا مستوى الدوري الإنجليزي.. هذا التصريح الذي صب النار على الزيت ودفع بجماهير مانشستر خاصة والجماهير الإنجليزية عامة؛ لأن تطلق صافرات الاستهجان بعد عودة رونالدو للعب في البراميرشب مع كل كرة يلمسها.. وفي بداية شهر مارس 2007م استغل مسؤولو التعاقدات في ريال مدريد توتر العلاقة بين النجم البرتغالي وناديه وتقدموا بعرض مغري للاعب بلغ الثمانين مليون يورو (54 مليون جنيه استرليني).. لكن مسؤولي مانشستر يونايتد قاموا باحتواء المشكلة وإقناع اللاعب بالاعتذار للجماهير الإنجليزية عن تصريحاته.. وبالفعل تم الاعتذار وقبلت الجماهير بذلك.. وتم التجديد مع اللاعب لمدة خمس سنوات ليتقاضى في عقده الجديد راتباً أسبوعياً يصل لمئة وعشرين ألف جنيه استرليني كأعلى أجر يتقاضاه أي لاعب في تاريخ الشياطين الحمر.. رونالدو قال: أنا سعيد للغاية وسأعمل الآن على الفوز بكل شيء بعد تجديد عقدي.. وبالفعل تحقق جميع ما وعد به اللاعب.. حيث فاز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز لموسمين متتاليين كما أنه حقق جائزة أفضل لاعب شاب لموسم 2006-2007م.. وهو إنجاز لم يسبقه إليه إلا أندي جراي عام 1977م لكن رونالدو تفوق على جراند بأنه تحصل على الأفضلية للموسم التالي (2007-2008م).. وفاز بجائزة أفضل لاعب برتغالي عام 2007م.. وحقق جائزة اللاعب الجماهيري الأول للشياطين الحمر.. رونالدو فاز هذا الموسم بالدوري الإنجليزي الممتاز وهو قريب جداً من تحقيق كأس بطولة الأبطال الأوروبية عندما يتواجه مانشستر يوناتيد مع تشيلسي اللندني في نهائي موسكو يوم 21 مايو 2008م.. الفوز سيعطي رونالدو دون أدنى شك الأفضلية على مستوى القارة العجوز والعالم.. كما إنه يطمح للفوز بالبطولة الأوروبية المقرر إقامتها في النمسا وسويسرا في أوائل شهر يونيو مع منتخب بلاده (البرتغال).