أن تخسر مباراة في كرة القدم فتلك النتيجة الحتمية للمنافسة، حتى ولوكانت الخسارة برقم كبير، يتجاوز الرقم المعتاد (هدف أو هدفين أوحتى ثلاثة)، لكن أن تنسحب من المواجهة فذلك هو الأمر الكبير والخطير، وهذا ما وقع فيه الفريق الأهلاوي وهو يهرب من مواجهة الشباب في دور الثمانية لمسابقة كأس خادم الحرمين (مباراة الذهاب). حقيقة لم يكن أكثر الأهلاويين تشاؤماً يتوقّع أن ينتهي الحال بفريقه إلى ما آل إليه ليلة السبت، تلك الحالة التي ضربت أطنابها في القلعة، وتركت مساحة من الحزن والقهر الذي لا ينتهي، وتسببت في جرح يحتاج إلى زمن طويل حتى يندمل، ووجهت رسالة طويلة فحواها، أن الحال لم تعد هي الحال، وأن الأهلي لم يعد هو الأهلي، وأن القادم لا يحمل أي بشرى للفريق ما لم يلتف أبناؤه حوله، ويعملوا من أجله، ويتفقوا ويختلفوا في سبيل مصالحه، أما دون ذلك فإن الأهلي يوشك أن يرمي عباءة الإبداع خلفه، لينضم إلى فريق لا يعرف للمنافسة سبيلاً، ويبقى كل هدفه تسجيل وجود لا يقدّم ولا يؤخّر. هذا من أجل الأهلي.. أما من أجل المنافسة الحقيقية في المسابقات السعودية، فإن ما حدث من الأهلي يجب أن لا يمر مرور الكرام، فهو أمر لا يليق بالكرة السعودية، التي ترمي كل أحمالها، وتبذل جهودها من أجل الدخول في ركب دوري المحترفين الآسيوي، وتسعى لتسجيل حضور مبهر في كل الاستحقاقات التي تشارك فيها، وهنا أجزم أنها المرة الأولى في تاريخ الرياضة السعودية، أن يعجز أحد الفرق عن إكمال مباراة له في منافسة كبرى، فما حدث من لاعبي الأهلي كنا نسمع عنه في عدد قليل جداً من مباريات دوري المناطق، وكنا نستنكره، أما أن يحدث من فريق ممتاز بحجم الأهلي، وفي بطولة هي الأهم والأكبر، فهي سابقة ارتضاها لاعبو الأهلي لفريقهم، وكما قال الشاعر (ومن يهن يسهل الهوان عليه.....)، وعليهم ومن رضي موقفهم الانهزامي أن يتحمّل نتائجه، ويكفي فقط أن تاريخ الأهلي سيحفظ هذه السابقة لأبطالها ولن يتجاوزها بسهولة، بل ستظل وصمة عار في جبين الأهلي العملاق ردحاً طويلاً من الزمن، ولو عاد الأهلاويون وغيرهم إلى التاريخ وقلبوا أوراقه لوجدوا أن الانسحاب من المواجهة، والهروب من المهمة، من اشد الأمور إيلاما في تاريخ الفرق الكبرى، ومن الأشياء التي لا يمكن أن تنمحي من الذاكرة بسهولة، بل تغدو محل تندر المنافسين، وشماتة الشامتين. سقط الأهلي أمام الشباب مرتين.. بالنتيجة الثقيلة، ثم بالانسحاب المدوّي، وكان الله في عون رجال الأهلي المخلصين على تبعات هذا السقوط، ورسم الطريق المناسب لتجاوز آثاره، وإن كنت وغيري يرى أن الطريق شاق والمهمة صعبة، فما حدث ليس بالأمر الهيِّن إطلاقاً، وعلى كافة الأصعدة. علي الصحن