يشهد معدل الخصوبة في دول المغرب العربي منذ ثلاثين عاما تراجعا متواصلا يهدد بعدم تجدد الأجيال وفق تقرير اعده المعهد الوطني الفرنسي للسكان. وقال المعهد في دراسة نشرت في نهاية يوليو ان تونس حققت المعدل الأدنى الضروري لضمان سلامة التوزيع الديموغرافي للسكان مع 2,2 طفل لكل امرأة في 1998م وربما بلغ المعدل 1,2 في 1999م. أما في الجزائر فانخفضت معدلات الخصوبة الى 1,3 لكل امرأة في 1996م و1997م. وقال المعهد انه اذا استمرت الحال على ماهي عليه فان معدل الخصوبة في العام ألفين لن يتجاوز 5,2 طفل لكل امرأة في المغرب، و3,2 في الجزائر، و0,2 في تونس. وبدأ معدل الخصوبة بالتراجع في هذه الدول في مطلع السبعينات وشهد تسارعا في التسعينات, اذ كان معدل الخصوبة في الجزائر في مطلع السبعينات 1,8 أطفال وفي المغرب 7 أطفال لكل امرأة في 1972م. وعلى سبيل المقارنة احتاجت فرنسا قرابة 200 سنة لينخفض معدل الخصوبة فيها من 6 أطفال للمرأة في منتصف القرن 18 الى حوالي 2 لكل امرأة في الثلاثينات أما الدول المشمولة بالدراسة فلم تحتج سوى 25 سنة لذلك. وتونس هي الدولة الأولى التي بدأت تتجه نحو خفض معدل الخصوبة في نهاية الستينات عبر تبني سياسة رسمية للحد من الولادات, وتبعها المغرب ثم الجزائر في نهاية السبعينات. لكن هذه السياسات ليست وحدها المسؤولة عن تراجع معدلات الخصوبة حيث يلعب ارتفاع سن الزواج وانتشار حبوب منع الحمل دورين متساويين في هذا الاتجاه. وحتى الثمانينات كان ارتفاع سن الزواج العامل الأساسي في خفض معدل الخصوبة في تونس قبل ان تصبح وسائل منع الحمل أخيرا العامل الرئيسي لذلك, وفي هذا البلد، ارتفعت نسبة النساء اللواتي يستخدمن وسيلة لمنع الحمل من 5% في نهاية الستينات الى 31% في 1978 و60% في 1994 1995م. وفي المغرب، كان ينبغي الانتظار مدة أطول حتى يرتفع سن الزواج لكنه أتاح دفع الخصوبة للانخفاض وكانت 5% من المغربيات يستخدمن حبوب منع الحمل في الستينات مقابل 59% حاليا. أما الجزائر فاتجهت الى خفض سن الزواج غداة الاستقلال ما أدى الى ارتفاع معدل الخصوبة الى أقصى مستوى في السبعينات الا ان استخدام حبوب منع الحمل انتقل من 8% في 1970 الى 57% في 1995م. ويقول معدو الدراسة ان الأسباب الحقيقية للتغيرات تكمن في تطور المجتمعات مع حدوث اعادة توزيع أكثر توازنا للأدوار بين الرجل والمرأة وتراجع سلطة الآباء .