إنَّ الألمان يشعرون بالعار على خلفية المحرقة النازية التي وقعت خلال الحرب العالمية الثانية)، وإنَّ (التهديد الذي تتعرض له دولة إسرائيل يُعد بمثابة تهديد لنا أيضاً). تلك كلمات وجهتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال زيارتها الأخيرة قبل عدة أيام لإسرائيل؛ بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس ما يسمى (الدولة اليهودية)، وهذه هي الزيارة الثالثة للمستشارة الألمانية بعد توليها منصبها. وحين زيارتها لمتحف (ياد فاشيم) المخصص لضحايا المحرقة الألمانية (الهولوكست) اتشحت بالسواد، وكتبت في دفتر التشريفات: (اعترافا بمسؤولية ألمانيا عن المحرقة تؤكد الحكومة الألمانية مع أول مشاورات ألمانية - إسرائيلية عزمها على تأسيس شكل جديد مشترك للمستقبل). تأملت ذلك وقارنته بما عاناه الفلسطينيون، ومازالوا يعانونه، من ظلم على يد الإسرائيليين ومَن يدعمهم، فمتى يأتي اليوم الذي يعود فيه العالم إلى رشده، ويحق الحق، ويرجعه إلى أهله، ويتم في ذلك اليوم الاعتذار للفلسطينيين من قِبل مَن أعطى ما لا يملك، مَن أعطى فلسطين لليهود، في ذلك الوعد الظالم الصادر في الثاني من نوفمبر لعام 1917م، ونصه: (عزيزي اللورد روتشلد: يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته: إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهوماً بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى. وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علماً بهذا التصريح. المخلص: آرثر بلفور). ومتى يأتي اليوم الذي يعتذر فيه مَن واصل دعم المحتل على صاحب الأرض، ويعتذر مَن صمت على مَن يرتكب المجازر بحق الآمنين العزل من أطفال ونساء وشيوخ، ويعتذر مَن صمت على (المحرقة الإسرائيلية) في غزة، ويعتذر مَن قارن إطلاق صواريخ (صغيرة) محلية الصنع، بمن يطلق الصواريخ من الطائرات، والقذائف من الدبابات، التي تحول ما كان إلى دمار، ويعتذر مَن يلقي اللوم على المظلوم، ويبرئ ساحة الظالم، ويعتذر مَن رأى الحصار الجائر ولم يحرك ساكناً، ويعتذر مَن يرفع حق النقض (الفيتو) ضد كل قرار فيه إدانة لإسرائيل..؟ ختاماً.. نحن واثقون بنصر الله (هذا ما وعدنا الله ورسوله)، ولكن هل سنشهد ذلك اليوم أو أولادنا بعد ذلك؟ وهل يكفي الاعتذار في وقته؟ وهل ستعوض الأموال ما هُدر من دماء، وسُلب من حقوق؟.