وأنا أستعرض جدول مؤشر الأسعار الأسبوعي لبعض منافذ البيع بالتجزئة بمدينة الرياض عن الفترة (14-1-1429ه وحتى 21-1-1429ه) والذي نشرته صحيفة الجزيرة في عددها الصادر يوم الثلاثاء الماضي الموافق 21-1- 1429ه وكذلك بعض اللقاءات التي أجرتها الجزيرة مع بعض أصحاب المتاجر والأسواق الكبيرة بالرياض، حيث أبدوا وجهة نظرهم حيال المؤشر والايجابيات المتوقعة من العمل به، لفت انتباهي عدد من الملاحظات حول المؤشر، كما تبادر إلى ذهني عدة أمور منها: جشع وتفاوت غير مبرر للأسعار كشف المؤشر عن فوارق كبيرة في أسعار السلع الغذائية الأساسية والتي تسوقها المراكز التجارية في مدينة الرياض كما وضحه الجدول. فهل يعقل أن يبلغ الفرق بين سعري شراء نفس السلعة في متجرين مختلفين في نفس الحي والمدينة إلى 45% وهل يعقل أن يترك بعض الجشعين من التجار ليضعوا ما يروق لهم من اسعار على حساب حاجة المواطنين لاقتناء احتياجاتهم من السلع الأساسية؟!، ثم أين الجهات الرقابية المناط بها مراقبة الأسعار؟، واين الجهات الرقابية المناط بها حماية المستهلك؟، أين وزارة التجارة عن تلك الفوضى؟. ألم ينشئ مجلس الوزراء وكالة لوزارة التجارة تعنى بشؤون المستهلك؟ ألم يسبق أن أنشأت الدولة جمعية أهلية تسمى بجمعية حماية المستهلك تعنى بشؤون المستهلك ورعاية مصالحه والدفاع عنها وتبني قضاياه لدى الجهات الحكومية والخاصة؟ ثم إلى متى ستستمر المجالس العليا في الدولة باصدار القرارات الهامة دون أن يكون لها تفعيل وتنفيذ فعلي من قبل الجهات الحكومية التنفيذية؟ ألا يكفي المواطن ما يعانيه من تبعات ارتباط الريال بالدولار والذي أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة؟، فلماذا إذاً تسهم الجهات الحكومية التنفيذية ذات العلاقة بتلك المعاناة من خلال غض النظر عن الجشعين من التجار وعدم وقفهم عند حدهم؟. فرض الضرائب والبطاقة الجمركية إنني أتساءل لماذا يقسو بعض التجار على اخوانهم المواطنين من خلال المبالغة غير المبررة في حجم الأرباح التي يحققونها من بيع السلع الغذائية الأساسية؟ وإذا كانت الدولة - حفظها الله - لا تفرض نسبا ضريبية عالية على ما يحققه التجار وأصحاب المراكز التجارية من أرباح وذلك على غرار ما هو معمول به في معظم دول العالم، فهل يكون اسداء المعروف للدولة من خلال تأليب وشحن المواطنين من خلال قهرهم بتلك النسب العالية من الأرباح التي يحققها التجار، مما أسهم في رفع أسعار تلك السلع الأساسية بشكل يصعب على الكثير من المواطنين اقتناؤها. وطالما أن لدينا فئة من التجار ممن أعماهم حب المال وغير مبالين بما يلحقونه من أضرار بإخوانهم المواطنين من جراء تلك المبالغة غير المبررة في نسب الربحية العالية التي تفرض عند تسويق السلع الأساسية على المواطنين، فإنني أقترح أن تقوم الدولة بإلزام كافة التجار بأن يعملوا من خلال البطاقة الجمركية، بحيث يتم إلزام كافة المتاجر والأسواق بأن تبرز للمتسوقين البطاقة الجمركية التي تتضمن سعر استيراد جميع السلع التي يتم تسويقها في المحل أو المتجر على أن تقوم الدولة بتحديد نسبة ربح معينة يمكن للتاجر تحقيقها من خلال تسويق تلك السلعة وبذلك لا يتردد بعض التجار في تطبيقها طمعاً في زيادة جانب الربحية للتاجر مما انعكس سلباً على عدم قدرة الكثير من المواطنين محدودي ومتوسطي الدخل من تأمين احتياجاتهم من السلع الأساسية، وكما هو معلوم فإن وكلاء السيارات هم الوحيدون الذين يعملون من خلال البطاقة الجمركية حيث يتضح من خلالها التكلفة الفعلية لاستيراد السيارة على الوكيل، مع ايضاح نسبة الربح المحددة من قبل الدولة والتي يمكن لوكلاء السيارات تحقيقها، فلماذا لا يتم تعميم ذلك على كافة السلع والبضائع؟ بحيث يتم تحديد نسب ربحية محددة عند تسويق تلك السلع مع فرض العقوبات المشددة على كل متجر لا يلتزم بذلك. انسحاب بعض المتاجر من المؤشر!! في الوقت الذي استبشرنا فيه خيراً بتزايد عدد المراكز التجارية التي انضمت لمؤشر قياس الأسعار وذلك استجابة للدعوة التي وجهها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، إضافة إلى ما صرح به سمو الأمير عبدالعزيز بن عياف آل مقرن أمين منطقة الرياض حيث توقع سموه بدخول مراكز تجارية جديدة للمؤشر، إلا أنني لا أتفق مع ما نشرته بعض الصحف عن انسحاب أحد المراكز التجارية الكبيرة في مدينة الرياض من المؤشر.فما الذي دفع ذلك المركز التجاري للانسحاب من المؤشر؟ وهل من المناسب ترك الحرية للتجار وأصحاب المراكز التجارية بالانضمام للمؤشر؟ أعتقد بأن على الجهات المعنية وأخص بالذكر أمانة منطقة الرياض، وهي التي قامت مشكورة بالبدء في تجربة المؤشر، بأن تلزم كافة المتاجر والمراكز الكبيرة للتسوق بالانضمام للمؤشر، وألا يترك ذلك للتجار حيث سيسهم ذلك في كشف أسعار السلع في تلك المتاجر مما يعطي المواطن الحرية في اختيار المتجر الأنسب للتسوق. شر البلية ما يضحك وفي لقاء صحفي في إحدى الصحف المحلية على هامش مؤشر الأسعار، مع عدد من التجار وأصحاب المراكز التجارية المشاركين في مؤشر الأسعار حيث أبدوا وجهة نظرهم حيال تجربة الأمانة، وقد تحدث أحد التجار معلقاً على نشر مؤشر الأسعار في الصحف قائلا: (..إنها تجربة موفقة منعت من جشع التجار وحدت من ارتفاع الأسعار...) المضحك في الأمر أنه وباستعراض أسعار السلع الغذائية التي عرضها مؤشر الأسعار الذي نشرته الجزيرة في ذلك اليوم، يتضح أن أسعار السلع في الأسواق التي يملكها ذلك التاجر هي الأعلى على الاطلاق مقارنة بأسعار السلع المماثلة في المتاجر والأسواق الأخرى، فأي منع للجشع يتحدث عنه ذلك التاجر طالما أنه يسوق سلعه وبضائعه للمواطنين بأسعار مبالغ فيها وبنسب زيادة تصل إلى 40% مقارنة بأسعار السلع المماثلة في المتاجر والأسواق الأخرى؟!، ولكن لا نقول سوى أن شر البلية ما يضحك. دور المواطن عزيزي المواطن، طالما أن أمانة منطقة الرياض قد عملت مشكورة على اتاحة الفرصة لك للوقوف على أسعار السلع في المتاجر والأسواق من خلال نشر أسعار تلك السلع في مؤشر أسبوعي ينشر في الصحف، وطالما أن هناك اختلافات كبيرة في أسعار السلع المماثلة في المتاجر الموجودة في نفس المدينة وأحياناً نفس الحي، وقد تصل تلك الفروقات إلى 40% تقريباً، لذا فإن الدور الأهم يكون عليك أيها المواطن من خلال اختيار المتجر أو السوق الذي لا يبالغ في أسعاره، والتي يتمتع أصحابها بحس وطني وغيرة وحرص على اخوانهم المواطنين من خلال الاكتفاء بربح معقول غير مبالغ فيه، كما أن على المواطن هجر كافة المتاجر والأسواق غير المدرجة ضمن مؤشر الأسعار الأسبوعي. شكراً سمو الأمير ..شكراً سمو الأمين كلمة شكر لا تكفي لأميرنا المحبوب سلمان بن عبدالعزيز على توجيهات سموه لأمانة منطقة الرياض بإطلاق مؤشر أسعار السلع، ويأتي توجيه سموه - حفظه الله - تأكيداً على أن هموم المواطنين هي الشغل الشاغل لسموه، وهي منطلق كل اهتماماته، كما أن توجيه سموه بإطلاق مؤشر الأسعار يأتي كدلالة مؤكدة على أن منطقة الرياض هي منطلق العديد من التوجهات الاستراتيجية والمشاريع التنموية التي طالما استفادت منها بقية مناطق المملكة، فالهيئة التطويرية للمنطقة انطلقت من الرياض وطبقتها عدد من المناطق الأخرى، والخطط الاستراتيجية العمرانية والمرورية وغيرها، انطلقت من الرياض واستفادت منها بقية المناطق الأخرى، ولذا فإنني أدعو هنا بقية المناطق الأخرى إلى الاستفادة من تجربة منطقة الرياض باطلاقها مؤشرا لأسعار السلع ليس على مستوى المناطق فحسب وإنما على مستوى المحافظات أيضاً. وكلمة شكر يجب أن تقال في حق سمو أمين منطقة الرياض على قدرته وتمكنه من ترجمة العديد من التوجهات والرؤى الاستراتيجية لسمو الأمير سلمان وسمو نائبه الامير سطام ووضعها محل التنفيذ الفعلي على أرض الواقع، وما شروع أمانة منطقة الرياض بنشر مؤشر أسعار السلع الأسبوعي إلا دلالة مؤكدة على ذلك.