لم يفُتني أن أبْقيَ الجسرَ ممتداً بيني وبين تلك الطرق الصغيرة... والدروب الكثيرة التي حملتِ على نفسكِ ردحاً من الاهتمام لتأخذيني إليها... كنتُ أسألكِ ببراءة الصِّغر: لماذا تزرعين على حوافها شجيرات من عرقكِ ودمعكِ وابتساماتكِ نوَّارة...؟ فتعدينني بأنَّني سأجني الإجابةَ ثمراتٍ ذات وعي... وأذهبُ أتشبَّث بأطراف همتكِ... أركض تارة أمامكِ... وأخرى أتمسكُ بيديكِ...فكنتِ كلما تقدَّمتكِ... تعيدينني برفق لجواركِ... وكلما تشبَّثتُ بكِ... تبعدينني برحمة عن أطرافكِ... كانت ابتسامة منكِ كفيلةً بمحو خوفي... لكنَّكِ كنتِ تستبدلينه بمدٍّ أوسع بالتهام الاتجاهات... حتى استويتُ على شارفة فضاء...عرفتُ أنْ قد آن لي البدء بمفردي... (ليان) حين صعدت سلم البيتِ درجةً درجةً بالأمس أمامي... كانت خطواتها امتداداً لحروف منهجك الذي كوَّنتِ بها محتوى كتابِ اللحظات التي تعْبرُ بي ... وبها (إباء)... لأدركَ أنَّها لم تُخلق لتبقى ممسكةً بيدي... ولا لتتقدّمني ...إذ الزمن الذي أتى بها كان قد ودعني... وهاهي (ليان) تركض بعيداً عنها في منأى عن المشيمة واليد... وإنْ هي في رغد الصغر ترفل... شجراتكِ نوَّارة استطالت... وتلك الطرق والدروب تلاحمت... واستظلت بشجراتها إجاباتكِ يا سيدة القلبِ... حقيقةٌ هي الحياة تلفُّ دولابا... تنهض في ساقيته روافد النهر يشق له بين الأعشاب منافذ تغور لتروي مواطئ المسارات... كالتي رسمتها أنتِ... وتمتد لتروي منابت البصائر تلك التي أنارها دعاؤكِ... نهرك ِ نوارة لم ينضب... وتلك إجابتك عن سؤال بتولي: لماذا تغرسين على حواف المسارات كلها شجيرات لهفكِ... وحدبكِ... واستشرافاتكِ ...؟ لم تكن دموعكِ تدرُّ لغير غراس ٍ... ولا خوفكِ يحتوي لغير ثمارٍ... وعلى حين تأمُّلٍ أنتِ الحكيمة... في لحظات السؤال تمدين بنسيج الإجابات... بالأمس استدعتكِ بعضُ من يأتين هنا كلَّ خميس ليرشفن قهوة ذكراك معي... واليوم استعدتُ أنا بوصلتكِ لأمدَّ إباء ببعض إشاراتها... يا نوّارة: ليست الخسائر في الفراق...حين تكون جلُّ المكاسب في البقاء... لكِ الرحمة مادامت دروبكِ آهلةً بدمعكِ... وخوفكِ ...وطيف روحكِ... عامرةً بسكينتي ...واطمئناني...