المؤلف: عبير عبدالخالق الناشر: دار الجامعة الجديدة شغلت ظاهرة العولمة حيزاً واسعاً من اهتمام الباحثين والدارسين طوال العقدين الماضيين، حتى أصبح من الصعب حصر الكتابات والدراسات التي تناولت هذه الظاهرة بأبعادها المختلفة، ولا سيما البعد الاقتصادي الذي برز تأثيره جلياً في التوجه المتسارع نحو دمج اقتصاديات العالم وإطلاق حرية التجارة وانتقال رؤوس الأموال والسلع عبر الحدود، الأمر الذي كان له تأثيراته المباشرة، الإيجابية والسلبية، على الاقتصاد العالمي بشكل عام واقتصاديات الدول النامية بشكل خاص. ويمثل هذا الكتاب (العولمة وأثرها على الطلب الاستهلاكي في الدول النامية مع الإشارة إلى وجهة النظر الإسلامية) مساهمة علمية جديدة في هذا الإطار؛ حيث تحاول مؤلفته الدكتورة (عبير محمد علي عبد الخالق) الوقوف على الأبعاد الاقتصادية لظاهرة العولمة وتحليل آثارها وانعكاساتها على الدول النامية لاستخلاص ما يمكن أن يعود عليها من منافع وما قد تتعرض له من مخاطر نتيجة انصهارها في بوتقة واحدة مع الدول المتقدمة اقتصادياً، واستنتاج بعض السياسات والتوصيات التي يمكن أن تساهم في تعظيم الاستفادة من مزايا العولمة، وتقليل الخسائر الناجمة عنها إلى أقل ما يمكن. ونظراً لأن الاستهلاك يعد من أهم المتغيرات الاقتصادية لارتباطه المباشر بالنشاط الاقتصادي اليومي لكل أفراد المجتمع من جهة، وتأثيره الواضح على المتغيرات الاقتصادية الأخرى (كالاستثمار والادخار والدخل.. وغيرها). من جهة أخرى، فقد اهتمت الكاتبة بتحليل التغيرات الحالية والمستقبلية المتوقعة في كمية وهيكل الطلب الاستهلاكي، ودور تلك التغيرات في دعم أو عرقلة العملية التنموية ككل، وتحديد الآثار المحتملة لظاهرة العولمة على حجم وهيكل الطلب الاستهلاكي في الدول النامية لاستخلاص إطار مقترح يمكن من خلاله الاستفادة من الجوانب الإيجابية وتقليص الآثار السلبية لهذه الظاهرة على الطلب الاستهلاكي في تلك الدول. وقد قدمت الكاتبة في الفصل الأول دراسة نظرية حول ماهية ظاهرة العولمة من حيث مفهومها، والمراحل التاريخية التي مرت بها، والمؤشرات المختلفة التي تستخدم في قياسها، فيما تناول الفصل الثاني الأبعاد الاقتصادية للعولمة وأهم آثارها الإيجابية والسلبية على اقتصاديات الدول النامية، مع الإشارة إلى المنظور الإسلامي من حيث مدى قبول أو رفض الفكر الإسلامي لمفردات هذه الظاهرة. وركز الفصل الثالث على دراسة أثر العولمة في محددين من أهم محددات الطلب الاستهلاكي وهما الدخول وهيكل توزيعها في المجتمع، والأسعار النسبية للسلع. وفي الفصل الرابع حللت الكاتبة ما تنطوي عليه العولمة من آثار على أذواق وتفضيلات المستهلكين تجاه السلع المختلفة من ضرورية وكمالية وترفيهية، وذلك من كون الأذواق وتفضيلات المستهلكين من المحددات الرئيسية لأنماط الاستهلاك في أي مجتمع. وتضمن الفصل الخامس دراسة تطبيقية توضح موقع الاقتصاد المصري على خريطة العولمة والتغيرات التي شهدتها مصر في هيكل الطلب الاستهلاكي خلال السنوات الأخيرة التي اندمجت فيها بشكل متزايد في تيار العولمة. وخلصت الكاتبة إلى أن قوى العولمة وأبعادها المختلفة من شأنها دفع وتوجيه أنماط الاستهلاك في الدول النامية نحو زيادة الطلب على السلع الكمالية والترفيهية على حساب الطلب على السلع الضرورية بعد حد الكفاف؛ حيث ترقى هذه السلع الترفيهية في سلم تفضيلات عدد أكبر من المستهلكين مما يمثل اختلالاً في هيكل وأنماط الطلب الاستهلاكي بما قد يتعارض مع السياسات التنموية المتبعة في الدول النامية ويؤثر سلبياً على معدلات النمو الاقتصادي فيها.