عَلَى ذَا مَضَى النَّاسُ اجتِمَاعٌ وَفُرقَةٌ وَمَيتٌ وَمَولُودٌ وَقالٍ وَوَامِقُ تَغَيَّرَ حَالِي واللَّيَالي بِحَالِهَا وَشِبتُ وَمَا شَابَ الزَّمانُ الغُرانِقُ (1) قلت : حدد المتنبي مراده في شطره الثاني من البيت الأخير، فقال: ,,,, ,,,, ,,, ,,. وشبت وما شاب الزمان الغرانقُ فمن الحق ثبات الأمر، فالشأن كله لله، والدهر في دوام، يُبلي ولا يبلى، تكرّ الليالي بهولها، وأحداثها، والإنسان في: زوال، وفوات، آجال مقدرة، وأعمار فانية، نعم! سنن مقننة، وأقدار مكتوبة، والأمر إلى الله وحده. هنا في هذين البيتين يصدر المتنبي عن حكمة ونظر، فهو الحكيم العارف، يجتمع الناس في دنياهم ثم يفترقون لفوات غير معلوم، وهم عبر هذه الحياة بين محب وكاره: قالٍ ووامق كما قال الشاعر، في تنازع يملأ أكناف الأرض، لا ينحسر ولا يتوقف، بل يذيع ويشتهر، لا يدفعه سوى الموت أو الكف عن الغواية والتهاون في تقوى وصلاح، وأنى للناس ذلك إلا بعد الرشد والادّكار. وعندئذ ينحسر هذا المد عند الشاعر ليقول: تغير حالي والليالي بحالها وشبتُ وما شاب الزمان الغرانقُ محصلة مفيدة، وحكمة بليغة لا المجد الذي قاربه المتنبي بكافيه، ولا الرؤى التي صدر عنها بمانعة عنه الهموم، بل هو في تبدل وتغير، والأمر كله لله سبحانه، وتعالى. * أستاذ ورئيس قسم الأدب والبلاغة والنقد (1) ديوانه