اعتزل اللعب واعتزلنا الافتخار والتباهي.. اعتزل اللعب واعتزلنا التشجيع.. اعتزل اللعب واعتزلنا المشاهدة والاستمتاع.. اعتزل اللعب واعتزلنا كل شيء يخص كرة القدم.. ماذا أكتب... وماذا عساني أن أترجم ما بقلبي من حزن دفين.. من ضيقة بدأت تجاورني أينما ذهبت ومتى بدأت التفكير..؟ سامي قرر الاعتزال في غفلة متناهية من الجميع.. ولم تكن متوقعة بالنسبة لنا كجماهير تصبو إلى الرقي بنادي الهلال في المحافل القادمة بوجود أسطورتنا سام 6. لن نتكلم عن إنجازاته؛ فهو صانع الإنجازات.. ولن نتكلم عن تاريخه المشرف واللامع؛ لأن التاريخ وحده هو من يريد أن يتكلم ويحفظ حقوقه؛ لأن سام 6 شرف التاريخ بما فعلته قدماه الذهبيتان. سنتكلم عن مدى المصيبة في أنفسنا التائهة بعد رحيل هذه الأسطورة.. فعلاً إنها مصيبة.. ففراقه ليس بالهين لدينا.. وليس من السهل أيضاً أن نتصور كرة قدم بدون سام 6. مقادير وهذه سنة الحياة.. فكل شيء له قدر وكل شيء له نهاية، ألا أنت وحدك؛ فنهايتك ليس لها وقت؛ فأنت دم في كل قلب هلالي، وستكون هكذا على مر الأجيال القادمة بإذن الله؛ فأنت أسطورة. بعد 20 سنة مررت فيها بعشق وكفاح وأفراح وتميز وبطولات وإنجازات وكؤوس ومنصات تتويج وكأس عالم أربع مرات وأنت دائماً كنت محل الحسم وبطاقة التأهل لكل بطولة، وفي إنجاز عالمي لك سجلت ثلاث أهداف في كأس العالم، ووصفك الفيفا بأنك سيد منطقة الجزاء، كيف لنا بعد هذا كله أن يكون قرار اعتزالك بالشيء السهل؟ لا أعتقد ذلك البتة؛ فأنت رمزنا وفخرنا، وأنت من جعل للكرة السعودية الهيبة الواضحة في جميع دول العالم، وهذا لم يأت إلا بصيتك الذائع وفنك الباهر يا سام 6. هناك نقطة يجب إيضاحها وهي أنك أذهلت العقول وأبهرت كل المدربين العالميين، وكل من كان يراك يصيبه موجة من الدهشة والاستغراب على فنك وهيبتك وثقتك وشموخك بالملعب وأي مكان حللت فيه عضواً فعالاً؛ فأنت لا تمر مرور الكرام بل تقلب الموازين وتفعل ما هو مستحيل وليس متوقعاً.. ويكفي أنك الأسطورة التي تشتمل على جميع اللعب النظيف؛ فأنت مكانك الصحيح مهاجم من طراز أول إلا أنك لا تبخل بفنياتك المهارية ومراوغاتك القاتلة وصنعك للأهداف الحاسمة؛ فأنت لاعب مكتمل المراحل ومتعدد المواهب والأمكنة، أنت لاعب غير، لاعب من كوكب آخر، رجل الحسم في النهائيات. هنك أمر غريب ومؤسف وهو الشيء الذي أثار غضب جمهور الهلال الوفي حيث كان يشتكي من الإعلام بشتى مجالاته في التعتيم الدائم لهذه الأسطورة وإخفاء لمعان نجمه وإنجازاته الخيالية المشرفة بل يواجه العكس من ظلم وإجحاف وتجنّ، وهو دائماً وجبة دسمة لكل من يريد الكتابة دون ضمير أو وجه حق من أول ظهور له في الملاعب الخضراء حتى وقت اعتزاله، بل نرى في الآونة الأخيرة أن الإعلام الخارجي هو من أعطى هذه الأسطورة حقها الكامل من إعلام خليجي وعربي وآسيوي وعالمي أيضاً، ولن ننسى أنه وضع في قائمة أفضل اللاعبين في تاريخ كأس العالم، ومن بين القلائل الذين سجلوا في ثلاثة مونديالات خلال 12 عاماً؛ ليطلق عليه أعلى سلطة رياضية في العالم (فيفا) سيد منطقة الجزاء؛ فأين إعلامنا من ذلك كله؟ وماذا يريدون أيضاً من تشريف وإعلاء للعلم الأخضر في جميع المحافل ووجوده في كل مكان يستحق ذلك بجهود ونية صافية من هذه الأسطورة؟ ماذا يريدون من إنجازات مثل تلك التي حققها سام 6؟ أين الإخلاص الوظيفي في العمل وإنصاف المبدعين وأين التكريم على ما قدموه لوطنهم وبلادهم طوال حياتهم ولم يبخلوا بشيء أبداً سوى أنهم في آخر المطاف لا يرون سوى التجاهل والبرود والنظر دون إعجاب مكابرين ومجحفين على كل شيء قدموه؟ شيء مخجل ومحزن بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.. لن تعتزلك الإنجازات، ولن تعتزلك الأمجاد الكروية، ولن يعتزلك التاريخ المشرف الذي زدته لمعاناً وشرفاً، ولن تعتزلك العالمية التي حققتها بعقلك قبل قدميك الذهبيتين، ولن يعتزلك الحب والوفاء والإخلاص في قلوب محبي كرة القدم بشكل عام وجماهير الأزرق بشكل خاص، لن تعتزلك الكلمات والذكريات وأشرطة الفيديو والصور وكل شيء نجد اسمك عليه أو صورتك؛ فنحن كلما أردنا أن نراك ونسترجع الأمجاد سنجد الكم الهائل الذي يحفظ لنا ذلك، ولن تعتزلك الملاعب الخضراء؛ فأنت لك وطأتك الخاصة عليها التي لن تتكرر على مر العصور؛ ولهذا السبب فهي لن تعتزلك بل ستشتاق إليك كثيراً، وستندب حظها على ما آل إليه الحال.