أغلق مؤشر سوق الأسهم هذا الأسبوع عند مستوى 9892 نقطة، رابحاً حوالي 428 نقطة أو ما يعادل 4.5%، وهو الصعود الذي جاء كنتيجة للصعود القوي يومي الاثنين والأربعاء، متزامناً مع انعقاد القمة الخليجية التي تم فيها إقرار السوق المشتركة .. تلك السوق التي يتوقع أن يكون لها مردود إيجابي على سوق الأسهم أكثر من غيرها من الأسواق الأخرى .. ومن جانب آخر، فقد بدأت تظهر ملامح الإقبال على اكتتاب دار الأركان رغم علاوة إصدارها، وقد تأكد هذا الإقبال في التفاعل الإيجابي من الأسهم العقارية الرفيقة داخل القطاع الجديد الذي سيتم بناؤه قريباً، وهو قطاع التطوير العقاري .. لقد أصبح واضحاً الآن أن السوق على وشك إضافة قطاع قيادي مضاربي جديد .. لكل ذلك، فإننا نسعى هنا إلى تحديد ملامح القطاع العقاري الجديد؟ ومستقبل الاستثمار فيه؟ وهل توجد علاقة بين انتعاش هذا القطاع وبين إطلاق السوق الخليجية المشتركة؟ ومن جانب آخر، فإن السوق يترقب ميزانية العام الجديد التي يتوقع أن تتضمن الإعلان عن الفائض الأكبر في تاريخها. ومن جانب ثالث، فإن شائعات حول احتمالات زيادة رواتب موظفي القطاع الحكومي عززتها تحركات فعلية من بعض شركات القطاع الخاص تثير حالة من التفاؤل الشديد بين المتداولين في السوق ... إن الأمر يكاد يكون معقداً في الإجابة على التساؤل الذي يفرض نفسه ... إلى أين يمكن أن تقود كل هذه المحفزات مؤشر السوق؟ وهل تمتلك هيئة السوق الآليات المناسبة لضبط سلوكه؟ تجدد نشاط المسار الصاعد بعد الخسارة الطفيفة التي مُني بها المؤشر الأسبوع الماضي، عاود المؤشر مساره الصاعد من جديد، حيث ربح يوم السبت حوالي 19 نقطة، ثم ربح يوم الأحد حوالي 47 نقطة، تلاه صعود قوي يوم الاثنين ليربح 187 نقطة، ثم ربح الثلاثاء حوالي 62 نقطة. وأخيراً، اختتم الأسبوع بصعود أكثر قوة ربح خلاله 113 نقطة. أي أن المؤشر ربح خلال هذا الأسبوع حوالي 428 نقطة أو ما يعادل 4.5%. ومن الأمور الملفتة للنظر هذا الأسبوع تجدد اندفاع السيولة نحو سابك، وانتعاش قوي يصيب كافة أسهم القطاع العقاري. معاودة الاندفاع نحو سابك بعد ركودها الأسبوع الماضي وخسارتها الكبيرة التي بلغت حوالي 4.22%، بدأ سهم سابك يستعيد نشاطه الحميم من جديد، وتجدد الاندفاع الاستثماري إليه، حيث ربح يوم السبت نسبة طفيفة بنحو 0.3%، ثم ربح الأحد 2.4%، ثم صعود قوي الاثنين بنسبة 3.4%، ورغم خسارتها الثلاثاء لنسبة طفيفة بنحو 0.14%، إلا إنها عاودت الارتفاع يوم الأربعاء لتربح 2.22%. أي أن سابك ربحت خلال هذا الأسبوع 8.3%، وهي نسبة مرتفعة تفوق نسب صعودها في عز المسار الصاعد. إن سابك تكاد تكون قد جددت المسار الصاعد من جديد، ولكن كيف وما هي المحفزات القوية التي دعت إلى ذلك؟ الأسبوع المقبل هل يكون أسبوع الراجحي؟ رغم أنّ المؤشر ربح هذا الأسبوع حوالي 4.5%، ورغم أن سابك ربحت حوالي 8.3%، لم يربح سهم الراجحي سوى 2.4%، بما يعني أنه لم يتفاعل التفاعل المأمول منه. ولعل تجارب الماضي تدلل على بطء تفاعل الراجحي، وأنه لطالما تحرك متأخراً بعد سابك .. لذلك، فإنّ سيناريو الأسبوع المقبل يكاد يكون معروفاً مسبقاً، حيث يتوقع أن يتوقف سهم سابك وتهدأ حركته، في مقابل تحرك ملموس من الراجحي في غالبية الأحيان يكون معادلاً لقوة تحرك سابك، هذا ما لم يطرأ جديد على السوق. وإذا كان سهم سابك قد سحب المؤشر إلى ما فوق مناطق مقاومة جديدة لامس فيها مستوى ال 9900 نقطة لأول مرة منذ عام تقريباً، فإنّ الراجحي يتوقع أن يقفز بالمؤشر فوق العشرة آلاف التي أصبحت سهلة المنال الآن .. ولكن هل يفعلها الراجحي وحده أم بجبل عمر أيضا ورفيقاته؟ جبل عمر أحد قياديات السوق لقد توقعنا في التقرير الأسبوعي السابق أن يسير سهم جبل عمر على منوال سهمي إعمار والتعمير من حيث النطاق السعري. وبالفعل تحققت توقعاتنا، حيث أغلق جبل عمر في يومه الأول عند 17 ريالاً، وبدأ يسير في ذات المنطقة السعرية التي تسير بها الأسهم العقارية الكبرى في السوق، حتى وصل إلى 24.3 ريالاً حسب إغلاق الأربعاء. وقد استحوذ جبل عمر وحده هذا الأسبوع على حوالي 12% من إجمالي قيمة التداول بقيمة بلغت 6.8 مليارات ريال. وقد أحرز السهم صعوداً بنسبة 142.5%. ورغم أن السهم لم يحقق طفرة سعرية خلال أسبوع إدراجه الأول مثل غيره من الأسهم الأخرى التي أدرجت مؤخراً بالسوق، مثل أسهم التأمين التي حققت نسبة 1000% في يوم إدراجها الأول، فقد ظهرت تحركات سهم جبل عمر كتحركات سهم قيادي جديد، البعض يتوقع أن يتحرك السهم حتى مستوى ال 50 ريالاً، ولكننا نخالفهم هذا الرأي لأن السهم أصبح من أسهم التوازن مثله مثل كيان والمملكة وإعمار، تلك التي لا يتوقع لها طفرات كبيرة، ولكن تحركات استثمارية موزونة. شركات التطوير العقاري إنّ الميزة الكبيرة التي قدمها سهم جبل عمر للسوق لا تنبع من ربحيته 142.5% في أسبوع الأول، ولكن في إنعاشه وتقديمه لقطاع قيادي جديد للسوق. لأول مرة يظهر بالسوق قطاع يمكن أن ينافس القطاع الصناعي والبنكي، ومن الواضح أنه قادر على قيادة المؤشر والسوق أيضا. فبإدراج جبل عمر وبدء الاكتتاب في دار الأركان، تكون الصورة قد اتضحت باكتمال ملامح قطاع قوي يتكون من العقارية وطيبة ومكة والتعمير وإعمار وجبل عمر ودار الأركان، تلك الأسهم التي يتوقع أن تستحوذ على حوالي 7% من الأسهم المصدرة بالسوق، ويتوقع لها أن تساهم في قيمة رسملة السوق بحوالي 3.25%. إلا إن هذا القطاع يتوقع أن يكون من أقوى القطاعات المضاربية. السوق الخليجية المشتركة كثيرون قد لا ينتبهون إلى مدى التأثيرات الواسعة لقرارات التكامل الاقتصادي بين دول الخليج على أسواق الأسهم فيها .. ورغم أن كافة الأسواق ستمتلك تأثيرات، إلا أن هذه التأثيرات ستختلف جوهرياً فيما بين الدول الست ... فالدول التي فتحت أسواقها المالية قبل إقرار السوق المشتركة قد لا تكون استفادتها الآن كبيرة، أما الدول التي لم تفتح أو لا تزال تمتلك قيوداً على حركة الأموال وتدفقات الاستثمارات، فإنها قد تكون أكثر استفادة .. ولعل المملكة تعتبر حديثة العهد بفتح أسواقها، وبخاصة أسواقها المالية أمام رؤوس الأموال الخليجية .. نعم المملكة اتخذت خطوة انفتاحية مؤخراً ناحية السماح للخليجيين بحرية التعامل في سوق الأسهم، إلا إن هذه الخطوة لم تحقق التأثير الكامل المراد تحقيقه، ويتوقع أن تُفعل السوق المشتركة التي تم إقرارها هذا القرار بحيث أنه تؤكده وتزيل كافة الشكوك حول إمكانية وجود أية قيود لوجستية أو غير لوجستية أمام تدفقات السيولة الخليجية إلى سوق الأسهم ... إن قرار تفعيل السوق المشتركة لا يفتح المجال في سوق الأسهم فقط، ولكن في كافة مجالات النشاط الاقتصادي، ومن ثم فإن الباب أصبح مفتوحاً للمستثمر الخليجي للاندماج في دائرة النشاط الاقتصادي السعودي ككل وليس سوق الأسهم فقط ، وهو ما كانوا يرغبون فيه .. فالكثير من الخليجيين كانوا يتساءلون حول: ما هي قيمة سوق الأسهم طالما أنهم غير قادرين على النفاذ لكثير من أوجه النشاط الاقتصادي الأخرى؟ الآن تغير الوضع وأصبحت هناك حرية تامة لتنقل وتحرُّك ليس الأموال ولكن الأفراد والنشاط ككل. ومن ثم يتوقع أن يتم جذب سيولة خليجية جديدة ونشطة، كما سيتم الحفاظ على كثير من السيولة المحلية المتدفقة من آن لآخر للخارج، فضلاً عن بدء حث السيولة المحلية المهاجرة للعودة. الترتيب الجديد لأوضاع أسواق الأسهم الخليجية إنّ الانعكاس الكبير للسوق الخليجية المشتركة إنما سيكون على أسواق الأسهم، تلك الأسواق التي ستكتمل حلقة توحيدها ومعاملة الخليجي معاملة المواطن فيها في يناير 2008، فماذا سيحل بهذه الأسواق؟ بل الأهم ما هو السوق الأكثر استفادة من هذه السوق المشتركة؟ هل الأسواق الأكثر انفتاحاً أم الأكثر تقيداً؟ بالطبع من المتوقع أن تستفيد تلك الأسواق التي كانت أكثر تقيداً قبل تنفيذ السوق المشتركة، ويعتبر السوق السعودي هو الأكثر في هذا السياق. فكثير من التعاملات كانت مقتصرة على المواطن السعودي فقط، أما بقية الأسواق الخليجية فقد كانت دوماً شبه مفتوحة أمام تدفق سيولة السعوديين، بما يدلل على احتمال أن يكون السوق السعودي هو الأكثر استفادة نتيجة الانفتاح الكامل بين أسواق المال الخليجية... ولكن إذا كان السوق السعودي سيستفيد فعلاً ... فهل ستسفيد كافة الشركات المتداولة فيه بنفس الدرجة؟ السيولة الخليجية ستتجه إلى الأسهم المضاربية الساخنة يوجد هناك نوعان من السيولة الخليجية، سيولة الأفراد وسيولة المؤسسات .. بالنسبة لسيولة الأفراد، فلا غبار أنها ستكون لمستثمرين محترفين قد اعتادوا على تجاوز الحدود وتحمل درجات مخاطرة عالية، وبالتالي فإنهم يحترفون عمليات المضاربة الساخنة التي تخترق الحدود يومياً ذهاباً واياباً وراء العائد السريع .. هذه السيولة يتوقع أن تتجه بقوة ناحية أسهم استثمارية خفيفة تتسم بإمكانية المضاربة عليها، ومن أهم الأسهم التي يتوقع أن تكون محلاً لهذه العمليات المضاربية هي أسهم القطاع العقاري أو أسهم التطوير العقاري حسب الهيكل الجديد، ويرجع ذلك إلى أن الطفرة الاقتصادية التي تمر بها منطقة الخليج الآن تعتبر طفرة عقارية أو خدماتية أكثر منها طفرة صناعية ... هذه الشركات يحتمل أن يتم المبالغة في أسعارها نتيجة عمليات مضاربية كبيرة، ويحتمل أن تكون فقاعات من آن لآخر، مدعومة بالنشاط العقاري الذي يتوقع أن يتزايد مع بدء تفعيل قرارات السوق الخليجية .. أما سيولة المؤسسات، فإنها يتوقع أن تتجه إلى القطاعين الصناعي والبنكي. رغم المحفزات الكبيرة التي لا يتسع المجال للحديث عنها، ورغم حالة التفاؤل لدى المستثمرين، ورغم احتمالات تدفق سيولة جديدة للسوق، فقد وصل مكرر ربحية السوق إلى 21 مكرراً، وهو المكرر المحسوب حسب رأيي الشخصي بناءً على استبعاد مكررات الشركات السلبية. وإذا كنا نتوقع صعود المؤشر فوق ال 10500 إذا سار السوق في نفس طريقه، فإن مكرر ربحيته يتوقع أن يتجاوز مستوى ال 25 مكرراً، وهنا نكون قد عدنا إلى نقطة البداية، وسيبدأ الحديث من جديد عن تصحيح. بل إن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي قيمة التصحيح إذا كنا نعود الآن من جديد إلى مستويات العهد القديم؟ .. المؤشر وصل إلى 6862 نقطة واستعاد الآن 3000 من خسائره تقريباً، وسابك بعد أن وصلت إلى 94 ريالاً، تحلق من جديد إلى 172، والراجحي كذلك بعد وصوله إلى 70 ريالاً، صعد إلى 107 ريالات، أي أن سابك وحدها ربحت 83% منذ بداية هذا العام ... إن الصعود إلى القمة أمر جميل ومطلوب، ولكن ضمان البقاء عليها هو الأجمل والأكثر قيمة؟ لا بد أن يأخذ صغار المتداولين في حسبانهم أن السوق يمر بمرحلة تنفيذ قرارات جديدة قد يكون لها الدور الأكبر في كل ما يحدث!! محلل اقتصادي [email protected]