مطاعم - تصل طلباتها إلى السيارة، صناديق بريد - تصل برسائلها إلى المنازل، مقاهي - توقف خادميها عند المارة، أشكال جديدة للنمط المعيشي تختلط فيها السلبيات بالإيجابيات يؤيّدها البعض ويتحفظ عليها البعض الآخر، هناك نمط معيشي آخر جديد ابتدعته ظروف الأسر في المنازل وحاجاتها، حيث يصل صاحب الدراجة إلى المنزل حاملاً طلباته إليها، والسؤال الآن هو أيهما يطغى على الآخر الإيجابيات أم السلبيات؟ وأي إجابة تستخلص من عامل توصيل طلبات عندما يقول (عقدنا مع أسر علاقة أخوية... أصبحنا نعرف أصواتهم بمجرد سماعها).. «الجزيرة» تقف موقف عامل الدراجة أمام باب المنزل ليس لتوصيل الطلب، بل للوقوف على هذه الظاهرة.. شر لا بد منه بداية تحدث لنا سعد عبد العزيز مبدياً رفضه للموضوع جزئياً فيما قارنه في الوقت ذاته بالخادمة والسائق، وهو على حدّ وصفه بالشر الذي لا بد منه يقول سعد: دعونا ننظر إلى الموضوع من الجانب الإيجابي فقد يكون أصحاب المنزل من النساء أو كبار السن ولا يستطيعون الخروج باستمرار لإحضار طلبات المنزل لذا لا بد من اللجوء إلى هذه الوسيلة والاستفادة من هذه الخدمة. ويضيف: لا أعتقد أن أقوم بتوفير كل ما تحتاج إليه أسرتي بنفسي، ومن النادر أن أستعين بخدمة التوصيل وإن وجد فهو من المطاعم فقط لكن البقالة فمن المستحيلات. مهند المقبل شاب في مقتبل العمر رفض الاتكال على توصيل الطلبات بسبب بعض السلبيات لهذه الظاهرة، مبدياً استياءه من الفكرة كون سلبياتها تغلب على إيجابياتها. ضوابط ضعيفة: العنصر النسائي أبدى بعض التحفظ، وهو ما جاء على لسان البندري الراشد (ربة منزل)، فهي ترى أنها ظاهرة جعلت ربة المنزل تستمتع بالكسل والنوم فهي لا تطبخ مع وجود مطاعم تقوم بإعداد ما تريد لها. تقول البندري لا يقف الأمر عند ذلك، بل قد تكون هناك مخاطر صحية تنجم من جراء عدم اعتناء الكثير من المطاعم بنظافة المواد المستخدمة في الطبخ، بل العمالة نفسها فكثير ما نقرأ عن اكتشاف حالات تسمم أو الإصابة بأمراض معدية في أحد المطاعم، فالضوابط غير موجودة والرقابة ضعيفة. وتضيف أعتقد لا يوجد لدى البلدية أعداد كافية من الموظفين الذين يقومون بضبط العملية، ولعلكم قرأتم الكثير عن حالات التسمم أبسبب انعدام الرقابة في أغلب الأحيان. إحراج وخصم على الراتب «الجزيرة» بدورها استوقفت أحد مرتادي الدراجات الذي أبدى تحفظاً عن الحديث. وبعد محاولات قال أنا أعمل في السعودية منذ سنوات ولم أصادف مشاكل مع أحد، ولكن الذي يضايقني في الأمر أوقات الاتصال ففي بعض الأوقات هناك من يتصل عندما نهم بإغلاق البقالة للذهاب للغداء أو لأداء الصلاة ونستجيب خشية خسارة زبوننا أو غضبه منا فنحن لا نريد أن يغضب منا أحد خاصة أنه مصدر رزق لنا فاضطر إلى توصيل الطلب, وأضاف قائلاً: كذلك هناك من يتأخر في دفع ثمن ما قام بشرائه مما يوقعنا في حرج مع الكفيل فيقوم بالتالي الكفيل بخصم ما تم توصيله دون ثمن من رواتبنا وآخرون لا يدفعون على الإطلاق وهنا تحدث الطامة الكبرى، حيث إن هذا يعني أننا سنطالبهم بالمال مما يعرضنا للكثير من الحرج خاصة إذا وصل الأمر للتهديد والوعيد من صاحب المنزل في حالة إزعاجه بالثمن. عامل آخر استوقناه أثناء قيامه بتجهيز الطلب لأحد الزبائن وسألناه عن الظاهرة فقال: أكثر ما يواجهني هو أن هناك منازل كثيراً ما تنسى أحد الطلبات فتقوم بالاتصال علي فاضطر إلى إقفال المحل لتوصيله نظراً لعدم وجود عامل غيري مما يسبب لي خسارة كبيرة، فالمارة عندما يأتون إلى البقالة يجدونها مغلقة ويعتقدون أنني غير موجود أصلاً أو أن هناك مشكلة مع البلدية أو أي جهة أخرى فيصبح هذا عامل طرد للزبون القادم للمحل. وحول طبيعة الموضوع بالنسبة لخدمات المطاعم قال عامل زارته «الجزيرة» في مطعمه: أكثر ما يزعجني إعطائي المعلومة الخطأ سواء في نوعية الأكل أو العنوان وهو ما يوقعني في حرج كبير. ويضيف قائلاً: لدينا مشكلة أخرى وهي أن البعض يرفض دفع ثمن الأكل بحجة أنه مبالغ فيه على الرغم من أننا قد أخبرناه سلفاً عن السعر. وآخرون يخدعوننا بأنهم بالفعل طلبوا، ففي إحدى المرات أخطأنا في المنزل وأخذوا الطلب مما أوقعنا في حرج مع صاحب الطلب الأصلي، وهو ما اضطرنا إلى إرضائه بطلب مجاني. ويختم حديثة بالقول: الحق يقال إن هناك أسراً عقدنا معهم علاقة أخوية، بل أصبحنا نعرف أصواتهم بمجرد سماعها وهم وبكل صراحة كثر، وبالنسبة إلى الجرائم الأخلاقية فهي موجودة بالفعل لكنها لا تشكل ظاهرة في المطاعم أو البقالات خاصة ممن أمضوا سنوات عديدة في المملكة. رقابة مفقودة لكن ماذا عن الجانب التثقيفي والاجتماعي للظاهرة..؟ «الجزيرة» وجهت السؤال إلى المستشارة هيا الدكان وهي مستشارة أسرية وتربوية فأجابت: خدمة التوصيل وفّرت على العديد من السيدات الخروج المتكرر خاصة إذا كان رب الأسرة غير موجود، لكن يجب وضع ضوابط إضافية تم الإعلان عنها سابقاً كأن يكون عمر العامل يقارب الأربعين فهو سن النضج ويصعب الانزلاق فيه عن طريق الخطيئة، كذلك أن يكون للأب أو صاحب المنزل رقابة مشددة، فالواجب عليه أن يأخذ الأغراض ولا يسمح للخادمة مثلاً بأخذها منه، فمن المؤكد أن ذلك سيكون مجالاً خصباً لهما لجلب المشاكل على المنزل. السيدة كندا الحسن من جانبها اعتبرت الأمر مدعاة لحدوث مشاكل أخلاقية ما لم يتم وضع ضوابط من داخل البيت وكذلك من العمالة التي يتم توظيفها. وأضافت قائلة: للأسف الشديد أصبح هناك رجال خاملون كسالى لا يولون أدنى اهتمام بشؤون منازلهم واعتبروا الاتصال بالبقالة أو المطعم أمراً عادياً، بل إن هناك من يطلب ذلك لأن ليس لديه استعداد للذهاب لشراء نواقص المنزل. واستطردت قائلة: للأسف الكثير أصبح مضطراً لذلك خاصة السيدات لأنهن إما لا يستطعن الخروج بسبب كبر السن أو المرض أو أنهن لا يردن ترك المنزل لعدم وجود أحد فيه سواهن إذاً لا يوجد أمامها إلا أشر الأمرين وهو التوصيل المجاني.