(ذهلت، لقد اتصل يساومني على عرضي مقابل الوظيفة).... (قال لي: يجب أن تكشفي وجهك لتصبحي سكرتيرة المدير العام).... ( راتبك لمدة خمسة أشهر قادمة شرط لتحصلي على الوظيفة) (أجابني المسؤول: للأسف لقد شغلت الوظائف قبل الإعلان عنها). حالات لقصص توردها (الجزيرة) في استطلاعها لمعوقات توظيف المرأة ترويها المرأة السعودية كاشفة أهداف أخرى يمكن أن تضلع بها وزارة العمل للوقوف على ما يكتنف هذه القصص من أساليب للالتفاف حول السعودة... مواطنات مررن بتجارب قاسية أمام أبواب مكاتب المؤسسات والشركات لسنوات رغم ما يحمله بعضهن من مؤهلات عالية تصل للماجستير وأخريات لديهن خبرات تدريبية طويلة من أفضل المعاهد... التعامل المؤسسي مع طالبات العمل إلى أين سيصل؟ وما هي الكيفية التي تدار بها العملية التوظيفية؟ وهل يمكن إيجاد جهة نسائية إلزامية لطرح الوظائف قبل الإعلان عنها؟ وما هي معايير اختيار العمالة النسائية؟ أسئلة تحتاج لأجوبة عاجلة مع غموض آلية التوظيف الحالية وغياب التنسيق في ظل ارتفاع البطالة النسائية. بداية تحدثت لنا (أسماء جار الله) خريجة إدارة أعمال حيث قالت عن معاناتها: لا أبالغ إذا قلت إنني قد تقدمت إلى حوالي عشرين قطاعا حكوميا وخاصا سواء من وزارات أو شركات أو بنوك, لكن للأسف الشديد لم أرَ أي مؤشر إيجابي للحصول على الوظيفة، ولو حتى في غير تخصصي. وتواصل أسماء قائلة: كنت كلما أسمع عن طرح وظائف أركض حاملة أوراقي (ولكنني أرجع بخفي حنين, وأظل انتظر اتصالا وفي حالة وروده لا أسمع سوى إجابة واحدة: تعثر قبولك حاولي مرة أخرى) فالشيء الوحيد الذي أملكه هو مؤهلي الجامعي الذي أصبح أثراً بعد عين. (أعطوني واسطة احصل على وظيفة من فوري) هذا ما قالته الجوهرة في بداية حديثها: الواسطة ثم الواسطة ثم الواسطة, فأنا خريجة قسم اقتصاد مع مرتبة الشرف الثانية، منذ ثلاثة أعوام، وحتى الآن لم أجد أي وظيفة، أصبحت أشعر بالخجل لأن أهلي هم من ينفقون علي منذ تخرجي، فبدلا من أن أساهم في مصروف المنزل أصبحت عبئاً على هذا المنزل. وتواصل الجوهرة حديثها: عندما كنت طالبة حصلت على دورات وكلفني ذلك آلاف الريالات، ولكن دون جدوى, ولا أسمع سوى كلمة واحدة إذا تقدمت لطلب الوظيفة: لا يوجد وظائف حالية، وأضافت العامري إذا نظرت حولي وجدت آلاف الخريجات والخريجين بدون وظائف وأتساءل إذا كان هؤلاء مازالوا عاطلين عن العمل فمن تم تعيينهم؟؟ وقد جاءتني الإجابة من الجيران: فجيراننا لديهم أربع بنات؛ أكبرهن حاصلة على بكالوريوس تربية فنية والأخرى ثانوية عامة والثالثة مازالت تدرس في احد المعاهد، ولكنهن استطعن الحصول على وظائف في بنكين والفضل يعود إلى إحدى السيدات التي أهلها منصبها الوظيفي إلى تدبير واسطة من أحد رجال الأعمال، وقد طلب منهن الحصول على دورة تدريبية لتضاف إلى ملفاتهن، كشكليات فقط، والغريب في الأمر أنهن حصلن على تلك الدورات وهن على رأس العمل, والشقيقة الرابعة لا تزال تدرس ولكن وظيفتها جاهزة لها بالطبع. وتختم الجوهرة حديثها قائلة: ما نسمعه من المسئولين بعدم وجود واسطة أثناء التعيين لا يتوافق إطلاقا مع ما نعايشه او عشناه من معاناة عدم التوظيف. (أمل ومنال تحملان تخصص اقتصاد بالاضافة إلى دبلوم في إدارة الأعمال, أمل ومنال اللتان تتحدثان الانجليزية بطلاقة إلى جانب عدة دورات في الحاسب ذكرتا أنهن ذهبتا إلى عدد من الشركات الخاصة والبنوك بعدما سمعتا أنهم يستقبلون الفتيات السعوديات الحاصلات على تخصصات علمية، كالاقتصاد والإدارة وإدارة أعمال والمحاسبة، وقالتا ل(الجزيرة): اجتزنا الاختبارات المطلوبة حتى وصلنا إلى المقابلة الشخصية، وكانت مقابلتين وليس واحدة؛ إحداها أمام امرأة والأخرى أمام رجل، وكنا متأكدات أننا أحسنا صنعا في المقابلة حتى فوجئنا باتصال من الشخص الذي أجرى المقابلة حيث أخبرنا أننا حصلنا على تقييم ممتاز في كل شيء لكنه قال: واحدة منكما يجب ان تشتغل سكرتيرة خاصة لمدير والأخرى في العلاقات العامة شريطة أن لا تكون محجبة وبالطبع رفضنا, ولقد اتصل بنا أكثر من مرة لإقناعنا ولكنه لم يكن يسمع إلا الجواب نفسه. وأشارتا في نهاية حديثهن أن أحد الموظفات قالت لنا: بصراحة لو كان لديكن واسطة لما تجرأ هذا الموظف أو غيره على أن يطلب منكن مثل هذا الطلب. (أفنان صالح) لديها بكالوريوس محاسبة وتدريس ماجستير اقتصاد قالت: كنت أعتقد أنني بعد تخرجي سوف أجد أبواب الوظيفة مفتوحة أمامي ولكنني شعرت بخيبة الأمل عندما وجدت أنها موصدة وبقفل كبير يعلوه الصدأ اسمه الواسطة، وأصبحنا نسمع ذلك علانية وبصوت مسموع وواضح. المحسوبية لها مفعول السحر القوي في التعيين لقد حاولت وجاهدت وحاربت وحوربت دون جدوى فدائما أخرج مهزومة ولا معين لي سوى الله وانني انتظر الفرج من عنده في كل لحظة. أم عبدالعزيز سيدة مطلقة، تحمل شهادة الكفاءة لا تعرف مكان طليقها تركهم دون أن يسأل عنهم، أخذت تبحث عن من يساعدها في توفير لقمة العيش، تقول أم عبدالعزيز: أنا أعلم أن شهادتي لا تؤهلني للحصول على وظيفة براتب معين، ولكن ماذا أفعل فقد صدت جميع الأبواب في وجهي عدا باب الله عز وجل فهو لا يرد عباده أبداً، انا لدي أربعة أبناء منهم طالبتان في الجامعة وولد لا يزال عمره ثلاثة عشر عاما بحثت في كل مكان وللأسف ذهلت من أنواع البشر الذين قابلتهم؛ ففي إحدى المرات اتصلت على أحدي الشركات ورد علي سكرتير المدير وشرحت له وضعي فأخذ رقم هاتفي وفوجئت باتصاله في نفس اليوم ففرحت اعتقادا مني أنه وجد لي وظيفة، لكنني صعقت مما سمعته منه: فقد أخذ يساومني على شرفي لكي يساعدني، ولم أحتمل فأغلقت الخط في وجهه بعد تنبيهه بان أحداً من أهله قد يتعرض لنفس الموقف، وبعد فترة اتصل واعتذر وأعلن ندمه على ما قاله لي . وبعد جهد وجدت وظيفة براتب1500 ريال تحت رئاسة سيدة من الجنسية العربية، والحق يقال إنها نعم الأخت فقد استأجرت شقة ووقفت معي ضد من حاول تطفيشي من العمل، والمؤسف أنهم سعوديون وكان المدير يرفض منحي إجازة مرضية لكنها كانت تصر عليها لمساعدتي، بل كانت تمدني بالمساعدة وأقسم إنها لم تطلب مقابلا كل ذلك سوى الدعاء لها.. وتتساءل أم عبدالعزيز في نهاية حديثها: بالله عليكم هل تكفي الألف وخمسمائة ريال مع ارتفاع الأسعار الحالي؟ وأضافت أم عبدالعزيز: هناك ذئاب بشرية يساومون النساء على أعراضهن لكي يتم توظيفهن، وتتساءل كيف سنتمكن من الإنفاق على أبنائنا ونحميهم من الأخطار القادمة؟ فالواسطة والمحسوبية وأمور أخرى أخذت تتحكم وبشكل واضح في تحديد مسار معيشتنا، وعدم وجود عقاب صارم لأمثال هؤلاء قد يخرج الأمور عن إطار السيطرة. خلود عبدالله، تخرجت منذ سنوات من قسم التاريخ، وتقول: عندما تخرجت بالطبع وكالمعتاد أستمع دائما للاسطوانة المشروخة بأن تخصصي غير مطلوب، وفي أحد المرات تلقيت اتصالا من إحد زميلاتي تبشرني أنهم وجدوا من سيعيننا في الرياض على إيجاد وظيفة شريطة أن ندفع له عشرة آلاف ريال والطامة الكبرى أنه يعمل مراسل في مكتب أحد المسؤولين وبالطبع رفضت, فعرضت على إحد السيدات أن يوفر لي ابنها وظيفة شريطة أن يأخذ راتبي لمدة خمسة أشهر ورفضت ايضا فالعرض الأول رشوة والثاني ابتزاز. وأضافت خلود: وهاأنذا أركض باحثة منذ سنوات عن وظيفة وأعمل كمراقبة عندما تطلب إحدى الكليات مراقبات للعمل أثناء فترة الامتحانات وبعد ذلك انتظر مع البحث في الصحف عن وظيفة ولكن دون جدوى فالإعلانات تنشر بعد شغل الوظائف!!