الحكمة التفاوضية تقول (مفاوضات فاشلة خير من عقد فاشل)، فالمفاوضات في عقود اللاعبين خيرٌ لها أن تفشل بدايةً من أن يكون العقد المبرم مع اللاعب فاشلاً، كما يقول ذلك خبراء القانون والمختصون في المفاوضات. فالمفاوضات نوع من الحوار وتبادل المقترحات للتوصل إلى حسم قضية معيّنة، أو حل نزاع وفي وجود مصلحة مشتركة بينهما، فتبدأ المساومات والتفاصيل والشد والجذب لتحقيق هدف معيَّن يحقق الرضا للطرفين. لكن ما حصل في مفاوضات البلوي - فيجو، أنّها أخذت اتجاهاً آخر، فمنذ بداية الإعلان الصحفي وهو عادة ما يكون فيه الإعلان النهائي لإتمام الصفقة أو التصاريح المشتركة بين الطرفين، أنّ المؤتمر الصحفي لم يكن فيه الوضوح التام لإنهاء الموضوع أو انتقال اللاعب أو موعد نهائي أو وضوح تام، بل جاء ذلك بصيغة الوعد بالتعاقد مع اللاعب، وبموعد لاحق ومجموعة وعود أو شبه وعود مع إتمام الصفقة وانتقال اللاعب بغموض. حسن النية المطلب الأساسي في التفاوض مع اللاعب، كما أنّ الوعود الباطلة التي تؤدي لفشل المفاوضات فتتحول المفاوضات إلى فوضى والمناقشات إلى مناوشات، والحوار إلى حرب إعلامية، والكسب المتوقع إلى سب منوع وتصريح غير متوقع. والملاحظ أنّ التركيز الإعلامي أكثر من الوضوح في الجوانب القانونية لعقد اللاعب، فجاءت التصاريح والظهور الإعلامي فيها صيغة الشهرة فقط دون الجوانب الأخرى، وكما أن المفاوض الناجح مع اللاعبين يتصف بمهارات خاصة، فيستطيع بخبرته وحنكته تقدير المواقف التفاوضية، من تكتيكات واستراتيجيات وأصول المهنة. لا نريد دخول تفاصيل العمليات التفاوضية الدولية، لكن المهم في الموضوع أنّ لكلِّ دولة ما يُعرف بعادات وأعراف في الأسلوب التفاوضي، والمختلف كلياً من دولة لأخرى، ويجب على مفاوضي اللاعبين الاهتمام مستقبلاً بذلك لكسب أي تفاوض لهم، فكل نوع من التفاوض الدولي مختلف حسب الإقليم، ويمكن ذكر إيجاز عن الأنواع .. فعلى سبيل المثال الأسلوب الأمريكي في التفاوض الذي يمتاز بأسلوبه المتميز للمفاوضات بالوضوح والاحتراف، أمّا الأسلوب الألماني فيعتمد على الدقة في الإعداد للمفاوضات وعدم المرونة في التنازلات, أما الأسلوب الفرنسي فيتميّز بجدية التعامل والإصرار على استخدام اللغة الفرنسية لغة التفاوض الرسمية، وتحديد الإطار العام بدقة والأسس العامة دون تفصيل، أمّا الأسلوب الإنجليزي فيعتبر أسلوب هواة وليس محترفين، ولا بذل ومجهود يذكر في الإعداد وأكثر وداً من الفرنسيين وأكثر مرونة من طلبات الطرف الآخر من الألمان .. أما الأسلوب في الدول الاسكندينافية (النرويج والسويد وفنلندا) فلهم القدرة الابتكارية لخلق أفكار جديدة وحلول مبتكرة، وليس من الصعب إقناعهم مع تمسكهم بمبادئهم وتقاليدهم مع قليل من التمسُّك بالرأي والعند. إمّا في التفاوض الشرق أوسطي فيعطون وزناً أكبر للاعتبارات الاجتماعية والشخصية، مع تسهيل أكثر للمفاوضات، مع الاهتمام في البداية لإذابة الجليد مع تعطيل وتأخير في المواعيد والحديث في مواضيع جانبية مخالف لموضوع النقاش الأصلي .. كما يوجد ما يميِّز المفاوضات الصينية والهندية وغيرهم من الشعوب المختلفة. وفي أبحاث سامبرز وديسلسون (1964) اتضح أن الإناث عادة أسهل وأكثر سرعة في منح الثقة للطرف الآخر، ولكنهن أكثر تشدداً من الرجال، فإذا حصل انحراف أو أي تصرف مخل بالثقة من جانب المتفاوض الآخر, فإنهن لا يسامحن بسهولة، وإذا فقدن الثقة من الطرف الآخر لا يمكن استعادتها بسهولة، حتى لو أبدى الطرف الآخر حسن نيته بعد ذلك في موضوع التفاوض. أخيراً نود التركيز في مواضيع التفاوض مع اللاعبين في جميع الألعاب الرياضية المختلفة وعدم هدر الملايين نتيجة استغلال مديري أعمال اللاعبين للثغرات القانونية، أو عدم الإلمام الكافي بأصول مهارات التفاوض لعقود اللاعبين، وعدم توكيل مكاتب مختصة ومؤهلة للمفاوضات الدولية، وتوفير الوقت والجهد والمال. خالد عمر العمري مستشار قانوني ومفاوض عقود